موقع شاهد فور

القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة آل عمران - الآية 185

June 26, 2024

وعلى المتعاونين في الدنيا على غير ما يرضى الله إلى غير ذلك من ما نسمع نحن أهل الدنيا من المجاملات مع نبذ خطورة عمل أهل الدنيا على غير الطريق المستقيم واختيار مكانها مصير الأخلاء غير المتقين فليسمع كلامهما يوم التحاجي والتلاوم يوم القيامة ﴿الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين﴾. فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز. وهذا التذكير بانهماك الجميع رئيسا ومرؤوسا في مكافحة هذا الوباء الفتاك ليس معناه الملاحظة المعترضة عليه أو المقـللة من شأنه لأن كل من كافح وتحرك وأعطى وامتثل أوامر السلطات في الموضوع فهذا أعظم القربات عند الله وأكثرها سببا للتزحزح عن النار وإدخال في الجنة إذا حصل كل ذلك بالنية القرآنية التي وصف الله أهلها في قوله ﴿والذين يوتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون﴾ لأنه يمثل إحياء الإنسان الذي يمثل إحياء الإنسانية كلها. ولكن هذا التذكير منصب على أن كثيرا منا غافل عن ما تتضمنه هذه الكلمات في قوله تعالى ﴿فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز﴾. فالمشاهد أننا نرى رؤساء المسلمين ووزراءهم وبرلماناتهم يتعاملون مع من لم يطلب من الله أن يزحزحه عن النار ويدخله الجنة؛ فيتعاملون مع الظلمة القـتلة المتمردين على الله وكأنهم يتجاهلون ما أعده الله لظلام أهل الدنيا وهم يسمعون القرآن يقول: ﴿وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون﴾ كما يسمعونه يقول للظالمين: ﴿أسمع بهم وأبصر يوم ياتوتنا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين﴾.

فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز

وهناك يذكر حكم بنيان القبر وما يستحب منه ، وكيفية جعل الميت فيه. ويأتي في " الكهف " حكم بناء المسجد عليه ، إن شاء الله تعالى. فهذه جملة من أحكام الموتى وما يجب لهم على الأحياء. وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا أخرجه مسلم. وفي سنن النسائي عنها أيضا قالت: ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - هالك بسوء فقال: لا تذكروا هلكاكم إلا بخير. فمن زحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز. قوله تعالى: وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فأجر المؤمن ثواب ، وأجر الكافر عقاب ، ولم يعتد بالنعمة والبلية في الدنيا أجرا وجزاء; لأنها عرصة الفناء. فمن زحزح عن النار أي أبعد. وأدخل الجنة فقد فاز ظفر بما يرجو ، ونجا مما يخاف. وروى الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من سره أن يزحزح عن النار وأن يدخل الجنة فلتأته منيته وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها اقرءوا إن شئتم فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز.

فمن زحزح عن النار فقد فاز

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: أولاً: يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ بِأَنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ البَشَرِ مَعصُومٌ، عَدَا الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» رواه الحاكم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. فمن زحزح عن النار فقد فاز. ثانياً: يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ بِأَنَّهُ لَنْ يَدْخُلَ أَحَدُنَا الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَاً مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ». قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ مِنْهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. ثالثاً: يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءَاً يُجْزَ بِهِ ﴾. وبناء على ذلك: فَمَنِ الذي يَنْجُو يَوْمَ القِيَامَةِ سِوَى الذي يُزَحْزِحُهُ اللهُ تعالى عَنِ النَّارِ، وَيُدخِلُهُ الجَنَّةَ؟ فَالفَوْزُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى دَرَجَتَيْنِ: الأُولَى: أَنْ يُزَحْزَحَ العَبْدُ عَنِ النَّارِ، وَلَو إلى أَهْلِ الأَعْرَافِ؛ هَذَا فَوْزٌ.

وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور أي تغر المؤمن وتخدعه فيظن طول البقاء وهي فانية. والمتاع ما يتمتع به وينتفع; كالفأس والقدر والقصعة ثم يزول ولا يبقى ملكه; قاله أكثر المفسرين. قال الحسن: كخضرة النبات ، ولعب البنات لا حاصل له. وقال قتادة: هي متاع متروك توشك أن تضمحل بأهلها; فينبغي للإنسان أن يأخذ من هذا المتاع بطاعة الله سبحانه ما استطاع. ولقد أحسن من قال: هي الدار دار الأذى والقذى ودار الفناء ودار الغير فلو نلتها بحذافيرها لمت ولم تقض منها الوطر أيا من يؤمل طول الخلود وطول الخلود عليه ضرر إذا أنت شبت وبان الشباب فلا خير في العيش بعد الكبر والغرور ( بفتح الغين) الشيطان; يغر الناس بالتمنية والمواعيد الكاذبة. قال ابن عرفة: الغرور ما رأيت له ظاهرا تحبه ، وفيه باطن مكروه أو مجهول. تفسير آية (فمن زحزح عن النار) - موضوع. والشيطان غرور; لأنه يحمل على محاب النفس ، ووراء ذلك ما يسوء. قال: ومن هذا بيع الغرر ، وهو ما كان له ظاهر بيع يغر وباطن مجهول.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]