موقع شاهد فور

حكم اكل لحم الضبع

June 29, 2024

وقد سئل الإمام أحمد عن محرم قتل ثعلباً ؟ فقال: عليه الجزاء هي صيد ، والإمام أحمد يرى حرمة أكل الثعلب ، وانظر "الإنصاف" (10/360). فتلخص من هذا: أن المحكم هنا هو حديث أبي ثعلبة في النهي عن كل ذي ناب من السباع ، وأما حديث جابر فإن لم يُقل: لا دلالة فيه فهو مشتبه محتمل يُرد إلى المحكمات. ما حكم اكل الضبع. ولعل سبب من قال بحله من المتقدمين: أن العرب كانت قبل الإسلام تأكل الضبع ، واستمر الأمر على ذلك ، إما بإقرار من النبي صلى الله عليه وسلم ، أو توقف لانتظار وحي ، ثم حُرِّم كل ذي ناب من السباع عام خيبر في السنة السادسة ؛ فقد روى أحمد في "المسند" (8724) بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم حُرِّم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع والمجثمة والحمار الأنسي ، وهو حديث ثابت ، صححه الترمذي وعبدالحق الإشبيلي وغيرهما ، ولم يطلع المبيحون على النهي ، أو فهموا من حديث جابر تخصيصه بالحل. كما ثبت عند أبي داود في "سننه" (3811) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وعن الجلالة عن ركوبها وأكل لحمها. فهل يُظن أن تُحرم الحمر الأهلية التي غالب ما تأكله مباح ، مع أن نظيرها الوحشي مباح ، أو يُحرَّم أكلُ الجلالة لحمها وشرب لبنها وركوبها ؛ لأنها تأكل القذر ، ثم لا يحرم سبع ذو ناب ؛ يأكل الجيف ، وينهش فريسته حية ويغتذي بدمها دون أن يُعتبر فيه ما يُعتبر في الجلالة من نقاء لحمها فترة كافية ؟ إلا أن يكون هذا دليلاً على أنها مشمولة بالنهي.

  1. حكمُ أكلِ الضبعِ

حكمُ أكلِ الضبعِ

[٣] وقال النووي: "أجمع المسلمون على أن أكل الضب حلال ليس بمكروه ، إلا ما حكي عن أصحاب أبي حنيفة من كراهته ، وإلا ما حكاه القاضي عياض عن قوم أنهم قالوا هو حرام ، وما أظنه يصح عن أحد، وإن صح عن أحد فمحجوج بالنصوص وإجماع من قبله"، [١] ويفيد الحديث السابق أن كُره الشيئ وعدم إقبال رسول الله عليه لا يقتضي تحريمه، كما أن رسول الله لم يكن يأكل من شيئ، حتى يعلم ما هو، وسبب ترك رسول لأكل الضب لأنه كان يحبُ أن يشتم الرائحة الطيبة من الطعام، ولحم الضب كريه الرائحة، ولأنه لم يكن من الطعام الذي يأكله قومه.

وأما حديث جابر فلا يصح الاستدلال به لتخصيص الضبع من عموم النهي ؛ لما أورد عليه من الاحتمالات القوية في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، والاحتمال إذا ورد بطل به الاستدلال ؛ كما تقرر ذلك في الأصول. حكمُ أكلِ الضبعِ. وتأيد هذا أنه جاء الحديث من وجوه أخرى بكونه صيداً عن جابر نفسه ، وكذلك عن ابن عباس وأبي هريرة ، ولم يذكر فيها حل أكله ، وذكْرُ حل الأكل أولى بالتنويه من ذكر كونه صيداً ؛ مما يؤكد أن الذي رواه جابر هو كونه صيداً يُفدى ؛ لا أنه حلال يؤكل. وروى أحمد في "مسنده" (14137) بسنده عن عبد الرحمن بن أبي عمارٍ أنه قال: قلتُ لجابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنه: آكُلُ الضَّبُعَ ؟ قال: نعم ، قلت: أصيدٌ هِي ؟ قال: نعم ، قلت: أسمعت ذلكَ من رسولِ الله ، قالَ: نَعَمْ. ففي هذه الرواية ما يختلف عن الرواية المذكورة في أدلة المبيحين ، وذلك في في ترتيب ذكر مسألتي الصيد والأكل ؛ فجابرٌ رضي الله عنه في هذه الرواية أبدى رأيه أولاً في حل لحمه ، ثم قال له السائل: أصيد هي ؟ فقال: نعم ، وذكر أنه سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا موافق للروايات التي روى فيها جابر كونها صيداً ، ولم يرو حل أكلها. وغاية ما دل عليه حديث جابر ما فيه أنها صيد يفدي في الإحرام ، ولا دلالة فيه على حل أكلها لهذا المعنى ، ففي مذهبي الحنفية والحنابلة أن كون الشيء صيداً يفدى ليس من شرطه حل أكله ؛ حيث يُقصد الضبع والثعلب وغيرهما بالصيد للانتفاع بجلودها.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]