وقال صلى الله عليه وسلم: إن صدقة السر تطفىء غضب الرب، وإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وإن صلة الرحم تزيد في العمر وتقي الفقر، وأكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة وإن فيها شفاء من تسعة وتسعين داء ـ أدناها الهم. وفي رواية: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم زيادة في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف. رواه الطبراني وغيره، وصححه الألباني. وأخرج البخاري ـ في الأدب المفرد من حديث ا بن عمر ـ مرفوعا: من اتقى ربه ووصل رحمه نسئ له في عمره، وثرى ماله، وأحبه أهله. وقال صلى الله عليه وسلم: إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء. رواه الترمذي وغيره. قال العلماء: والمراد بميتة السوء أو مصارع السوء: ما استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم ـ كالهدم والتردي والغرق والحرق، وأن يتخبطه الشيطان عند الموت، وأن يقتل في سبيل الله مدبرا. وقال بعضهم: هي موت الفجاءة. وقيل ميتة الشهرة ـ كالمصلوب. ومثل ذلك: الحوادث والكوارث التي تشاهد اليوم في كل مكان.
ومن ثمرات صنع المعروف: أنَّه يدفع البلاء وسوءَ القضاء، كما مر من قوله - صلى الله عليه وسلم -: « صنائع المعروف تقي مصارعَ السوء »، كما أنَّ أصحاب المعروف من أوَّل الداخلين إلي جنات ربِّ العالمين؛ فقد روي عن أبي أمامة - رضي الله عنه -: أنَّه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: « إنَّ أهل المعروف في الدُّنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أوَّل أهل الجنة دخولًا أهل المعروف »؛ (أخرجه الطبراني). وأخيرًا أخي في الله، أنصحك بنصائح أسأل الله أن ينفعنا وإياك بها: • اقصد بعملك وصنعك المعروف للآخرين وجه الله - تعالى - واتَّبع فيه هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنَّه لا يصلح العمل إلا بهذين الشرطين. • لا تتأخر في الاستجابة لمن طلب منك المساعدة، وقدِّم المعروف ولا تتأخر؛ بل سارع فيه بنفس طيبة راضية، فإن ذلك من التقوى. • إذا وفقك الله لصنع المعروف، فأحسن فيه، واجعله من أحسن ما يكون: وَاحْرِصْ عَلَى عَمَلِ الْمَعْرُوفِ مُجْتَهِدًا ♦♦♦ فَإِنَّ ذَلِكَ أَرْجَى كُلّ مُنْتَظِرِ • كافئ من صنع لك معروفًا ولو بكلمة طيبة، فإنَّ ذلك يساعدك بعد الله على صنع المعروف.
قال - صلى الله عليه وسلم -: «صنائع المعروف تَقِي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب». الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وإمام المتقين، صاحب الشريعة الغراء، والملة السَّمحاء، والحنيفية البيضاء، صاحب صفوة الأولياء، وإمام الصَّالحين وقدوة المفلحين؛ { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، حثَّ أمته على صنع المعروف، وعرفهم سبله وكيفيَّته، وعرفهم فضله ومزيته، فقال مقولة تكتب بماء الذهب؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: « صنائع المعروف تَقِي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب »؛ أخرجه الطبراني، وقال الهيثمي: إسنادُه حسن.
فصنائع المعروف تنشر المودة والسرور، وتقرب القلوب، وتزيل شحناء النفوس، فلا يتقاعس عنها إلا مبخوس الحظ محروم. جعلنا الله تعالى من أهل المعروف، ومنَّ علينا بنفع الناس. إنه سميع مجيب. وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم... الخطبة الثانية الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين. أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]. أيها المسلمون: اصطناع المعروف، وإغاثة الملهوف، وإسعاف المكروب؛ وبذل الخير، والسعي في حاجة المحتاج؛ كان فعل الرسل عليهم السلام؛ لأنه من مكارم الأخلاق التي جاءوا بها، ودعوا إليها. وقد أغاث موسى عليه السلام الذي استغاثه، وسقى للفتاتين لما عجزتا عن السقيا لوجود الرجال. ولما تكلم المسيح عليه السلام في المهد قال ﴿ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ﴾ [مريم: 30- 31].
• وكذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي جريٍّ الهجيميِّ، قال: أتيت رسول اللَّه - صلَّى اللَّه عليه وسلَّم - فقلت: يا رسول اللَّه، إنَّا قوم من أهل البادية، فعلِّمنا شيئًا ينفعنا اللَّه - تبارك وتعالى - به قال: « لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تُفْرِغَ من دَلْوِكَ في إناء المستسقي، ولو أن تكلِّم أخاك ووجهك إليه منبسط ». فما أحوجنا في هذه الأيام إلي هذه الأخلاق الرَّاقية، وهذه الصنائع البديعة، التي أرشد إليها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من استنصحه! ولله در الشاعر حيث قال: وَلَمْ أَرَ كَالْمَعْرُوفِ أَمَّا مَذَاقُهُ ♦♦♦ فَحُلْوٌ وَأَمَّا لَوْنُهُ فَجَمِيلُ وقد كان سلفنا الصالح - رحمهم الله - يسعون إلى صناعة المعروف، ويحرصون عليه، ويلتمسونه، مبتغين الأجر والاقتداء بسنة نبيِّنا العدنان، فهذا عمر لما وُلِّي الخلافة، خرج يتحسس أخبار المسلمين، فوجد أرملة وأيتامًا عندها يبكون، يَتَضَاغُون من الجوع، فلم يلبث أن غدا إلى بيت مالِ المسلمين، فحمل وِقْرَ طعام على ظهره، وانطلق فأنضج لهم طعامهم، فما زال بهم حتَّى أكلوا وضحكوا. وهذا عبدالله بن المبارك كان ينفق من ماله على الفُقهاء، وكان من أراد الحج َّ من أهل مرو - المدينة التي يعيش فيها - إنَّما يَحج من نفقة ابن المبارك، كما كان يؤدي عن المدين دينه، ويشترط على الدائن ألا يخبر مدينه باسمه.
فحري بالمؤمن أن يبذل المعروف لمن يعرف ومن لا يعرف حتى يكون هذا دأبه، ولا يحتقر من المعروف شيئا، ولربما درأ الله تعالى عن العبد كريهات القدر بمعروف بذله لم يظن أنه رد أمرا عظيما عنه. هذا؛ والعالم يُتخطف من حولنا وقد سلمنا الله تعالى، ولعل هذه السلامة بالمعروف الذي يبذله أهل هذه البلاد المباركة حكومة وشعبا للبلاد المنكوبة، وليس خافيا على أحد جهود هذه البلاد المباركة في إنقاذ اليمن من السقوط في براثن المد الصفوي الذي اتخذ من الحوثيين ذراعا له؛ لتحقيق مآربه، والسعي الحثيث لإعادة الأمن والاستقرار لليمن وعموم المنطقة باقتلاع المخالب الباطنية التي يغرسها الصفويون في جسد هذه الأمة المثخنة بالجراح، وإعادة الأمل لأهل اليمن وعموم المسلمين بكسر المشروع الباطني ودفنه، عجل الله تعالى ذلك بكرمه ومنه. وصلوا وسلموا على نبيكم...