موقع شاهد فور

جريدة الرياض | الصحراء والبدو وبيت «الشّعر» حالة متلازمة تؤصل الارتباط والحنين

June 28, 2024

تحضير حلقة حياة البدو في الصحراء من التحاضير الهامة في وحدة الرمل يشمل على.. تحضير تلك الحلقة بأهدافها والأدوات اللازمة… أكمل القراءة »

حياة البدو في الصحراء

تعزى تربية الأغنام دون سواها من المواشي إلى ميزاتها حيث إنّ معدّل تكاثرها الأعلى ما بين المواشي كافة ، وهي تشكل بالتالي مصدراً احتياطيّاً يرجع إليه لضمان الاحتياجات الأساسية للأسرة، سواء بيعها في مناطق التجمعات السكانية في مناسبات الأعياد أو الاستفادة مما توفره من اللبن ومشتقاته. قديما إتقان مهارات العيش في منطقة تقوم في أشد المناطق في العالم قسوة ليس ضرورياً لحياة الفرد وحسب، بل يسوغ بمرور الوقت كيانه وقيمه الاجتماعية ومن ثم مواقفه وعلاقاته تجاه القبيلة. ترتبط في ذاكرة الناس أن الحياة الاجتماعية في الصحراء جدباء كوحشة المكان الذي لا يجاوره غير الخواء الكامل على الأرض وفي السماء. وانعكس ذلك على الحياة الاجتماعية والإبداع الإنساني ونسوا أن الذاكرة العربية الخصبة بالشعر والحكايات والأساطير الشعبية هي نتاج الصحراء دون سواها وأن البادية هي مهد اللغة العربية وحاضنتها. وعادة إرسال عرب مدن شمال الجزيرة والهلال الخصيب أبناءهم للإقامة في البادية بين إحدى القبائل العربية الأصيلة لإتقان اللغة والتأدب بآداب البدو خير ما يدل على فضل البدو في ذلك المضمار. وثمة من يظن أنه لا مكان عند البدوي لإمتاع الروح في ظل صراعه الدائم مع البيئة.

حياة البدو في الصحراء للاطفال

ثم يذكر أن سكان الربع الخالي أكثر البدو معرفة بهذه الأمور وعن قدرة آل مرة على اقتفاء الأثر يقول: "ويشتهر آل مرة بقدرتهم على اقتفاء الأثر فهم يستطيعون أن يميزوا بكل سهولة بين أثر الإنسان وأثر الحيوان على رمال الصحراء. إذ إن جميع أفراد البيت الواحد يعرفون تمام المعرفة أثر أقدام كل واحد من إبلهم وأثر أقدام إبل أقربائهم بل يمكن لأي من الشباب أو الراشدين أن ينظر إلى مجموعة من آثار الأقدام ويحدد آثار أقدام إبله من بينها، وتلك هي مهارة مفيدة تنفع عند البحث عن الإبل الضائعة أو عن البيت الذي انتقل إلى مكان آخر أثناء غياب أحد أفراده. يمكن لأي فتى أو فتاة تحديد أثر كل حيوان يعيش في الصحراء العربية، وعند بلوغهم سن المراهقة يصبح بإمكانهم تحديد الوقت الذي مضى على وجود الأثر وعدد الحيوانات أو الأشخاص والميزات الخاصة بالأفراد، على سبيل المثال باستطاعتهم تحديد ما إذا كان الأثر عائدا لامرأة أم رجل، أو إذا كان صاحب الأثر عجوزا أم شابا وإذا كان يخص امرأة باستطاعتهم تحديد ما إذا كانت حاملا أم لا، كما بإمكانهم إعطاء النوع نفسه من المعلومات بالنسبة للإبل. بسبب هذه المهارة كانت مراكز الشرطة الرئيسة في السعودية تستخدم حتى وقت قريب أفراد آل مرة في مهمة اقتفاء الأثر، فعند حصول جريمة ما، يتوجه مقتفي الأثر إلى مسرح الجريمة ويعاين آثار الأقدام في المنطقة، من ثم يذهب إلى سوق المدينة أو القرية لمراقبة أقدام الأشخاص الذين يرتادونه، وقد نجح العديد منهم في حل لغز الجريمة بهذه الطريقة، كما أن شهادتهم في المحكمة توازي شهادة الشاهد العيان".

حياه البدو في الصحراء وحده الرمل

كانوا يتمتعون ــ أي آل مرة ــ بما يمكن تسميته بالتواضع الارستقراطي الذي كان ظاهرا في أعمالهم وأحاديثهم، فهم يرفضون العيش في المدينة لأنها ملوثة ماديا واجتماعيا، ويفضلون الصحراء حيث بإمكانهم الحصول على حياة نقية ونظيفة كما يقولون". وعندما تحدث عن الربع الخالي قال "ويظن بعض سكان المملكة العربية السعودية وكذلك بعض الأجانب أن الربع الخالي يعني بالفعل أنه خال من كل شيء، ويؤكد كل من ديكسون وثيسجر أن البدو الذين تعرفوا عليهم لم يسمعوا باسم الربع الخالي من قبل ما دعاهم للتفكير بأن هذا الاسم كان يستخدم فقط من قبل سكان المدن الذين يجهلون كل شيء عن حياة الصحراء، ويخافون من تلك المنطقة بحجة أنه بإمكان الجن والشياطين فقط العيش فيها". وذكر أنه في عام 1968 و1969 توفر المرعى وتحسنت صحة الإبل وزاد عدد الغزلان في الربع الخالي كانت تعج فيما مضى بالحيوانات البرية مثل الغزلان والأبقار الوحشية وطيور النعام. اقتفاء الأثر واستعانة الشرطة بهم وعند حديث المؤلف عن مهارات المعرفة الخاصة بالبدو ذكر أن سكان المدن والقرى في الجزيرة العربية يضربون الأمثال بفطنة البدو ومهاراتهم وقدرتهم على العيش في الصحراء، ويعتبرون بعض مواهبهم حاسة سادسة يفتقر إليها أهل المدن ثم يورد المؤلف بعض مهارات البدو فيقول: "وترتبط معظم مهارات البدو ومعرفتهم بشكل مباشر بأنشطة الرعي التي تتطلب في آن واحد دقة الملاحظة ومعرفة دقيقة وشاملة بالميزات الجغرافية والنباتات الصحراوية، والحيوانات ويتمتع البدوي المتوسط بمعرفة عميقة بالتسلسل الأسري، كما يمكنه إلقاء الأشعار والتحدث عن التقاليد العربية لساعات طويلة".
وبخصوص الإيقاع فهو يمتح من وقع أثر حوافر الماعز، فالسامع إلى الترنيمة أو الجرفة الإيقاعية للإناء المنقور (الكدرة) يجد تشابها وتماثلا كبيرا بينه وبين وقع حوافر الماعز على الأرض، بالإضافة إلى كون شكل التحلق حول هذا الإناء ممتح من شكل زرائب الماعز والأغنام"، يقول المتحدّث ذاته. وعن بعض مظاهر تأدية هذه الشكل الفني، قال بشأنها الدكتور سويدي تمكليت: "اصطفاف ممارسي وراقصي "الكدرة"، وأشكال الوقوف على الركبتيْن، والتلويح باليدين، والتمايل يُمنة ويسرة، ووضع اليد نُصب الحاجبيْن، والصراخ والتهويل، كلها أمور تُعبّر عن أحوال هؤلاء المستقرين في هذا المحيط، لأنه مجال يتميز بخصوصيات الغارة والحرب والتناحر والترقب والرصد للخصوم، فالرقصة تحاول في النهاية التعبير عن أحوال هذا المحيط، وعن مجمل التفاعلات الحاصلة فيه". وأضاف تمكليت: "طبعا، في هذه الرقصة، نجد أن الكدرة، وهو الوعاء المصنوع من الطين، دلالة على الأرض، والارتباط والتعلق بها، أما الجلد الذي يُغطي فوهة هذا الإناء فهو من مستخلص من جلد الماعز؛ وبالتالي يمكن القول إن الكدرة تعبير عن حياة مربي الماعز والغنم". وفي المجال الصحراوي دائما، أردف الباحث سويدي، "نجد رقصة "الطبل" مقابل رقصة "الكدرة"، "الطبل" ترتبط بمربي قطعان الإبل، فمن حيث الشكل فهو ليس مغلقا دائريا، شبيها بمراح الإبل ومرابضه، وأيضا هو يتخذ شكل سنام الجمال، ويُضرب بأكفاف اليدين، وبالتالي هذا الصوت وهذا الإيقاع ممتحّ من أثر أخفاف الإبل على الأرض.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]