[٧] وهو ما أخبرَ به الله تعالى في كتابه الكريم حيث قال تبارك وتعالى: { قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ} ، [٨] ولما رأوا السحاب يلوح في السماء ظنوا بأنّه سحابة مطر فكما قال تبارك تعالى: {لَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا، بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ} ، [٩] ومعنى العارض في الآية السحابة أو الغيمة.
الثامنة: من أهم ما ينبغي للداعي إلى الله أن يدعو الناس إلى أن يستغفروا ربهم ويتوبوا إليه، فالاستغفار لما مضى، أما التوبة فلما يستقبل، فالعبد لا يستقيم حاله حتى يستغفر ربه مما بدر منه ولا ينسى ما قدمت يداه، وأن يحدث لكل ذنب توبة، قال هود لقومه: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52]. التاسعة: على الداعي أن يدل الناس على كل خير يعلمه لهم سواء في الدنيا أو في الآخرة، وقد بين هود عليه السلام لقومه أن الاستغفار والتوبة وسيلة إلى إدرار المطر وحفظ الصحة، وزيادة القوة ودفع الأسقام، قال هود عليه السلام: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52]. قصة نبي الله هود عليه السلام كاملة من قصص الأنبياء في القرآن الكريم. والفوائد من هذه القصة كثيرة ولعلنا نعود إليها في كلمة أخرى. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هود عليه السلام:- كان هود عليه السلام رجلاً فاضلاً في قومه، كان أرجح قومه عقلاً. أمر الله هود عليه السلام أن يذهب برسالته إلى قوم عاد، فأطاع هود ربه، وذهب إليهم وقال لهم انه نبي من الله وقد جاء لهدايتهم. وقال لهم أن هناك إلهاً واحداً للكون وليس هناك غيره وهو الذي يجب أن تعبدوه وتتجهوا إليه بالدعاء طالبين منه الهداية، فالأصنام التي تعبدوها لايمكن أن تنفع أو تضر. فمن آمن وعمل صالحاً كافأه الله بالجنة ومن كفر به فعقابة جهنم وبأس المصير، وقد حذرهم من إغلاق آذانهم عن الحق والأستماع إلى مايقوله حتى لايصيبهم مثل ما أصاب قوم نوح عليه السلام. رد فعل قوم عاد على هود عليه السلام ونصائحه لهم:- أتهموه بالجنون متعجبين بكيف يمكن ترك الأصنام وعبادة من يتحدث عنه، وقالو له أنه طائش وسفيه وانه ليس نبياً لكنه كذاب. قصة هود عليه السلام وقوم عاد - الدكتور طارق السويدان. هل يأس هود عليه السلام من ردود أفعال قوم عاد؟:- لم ييأس هود عليه السلام من ردود أفعالهم بل بالعكس فقد قال لهم أن الله أختصه ليحمل رسالته ويبلغها لهم، وقال انه سوف يدعوهم مراراً وتكراراً ولن ييأس، وطلب منهم التفكير بعقولهم وسألهم من الذي رفع السماء بغير أعمدة، التفكير في الشمس والقمر من قام بخلقها، من قام بخلق الحيوانات، وظل مردداً: أعبدوا الله الواحد الأحد وأستغفروه وأعلموا أنكم سوف تبعثون بعد موتكم وتحاسبون فمن عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فهو من الخاسرين.
استهزاء قوم عاد بنبيهم ثم يكتفوا بذلك بل أخذوا يستهزءون به هود عليه السلام ، ويتهمونه بجنون أصابه به بعض آلهتهم عقوبة له، {قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (54) إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (55) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ}، كما حصل مع قوم نوح، وصلت الأمور بين "هود" عليه السلام وقوم "عاد" مرحلة التحدي.