موقع شاهد فور

زين لكم حب الشهوات من النساء والبنين

May 13, 2024

قال ابن كثير - رحمه الله -: يخبر تعالى عما زين للناس في هذه الحياة الدنيا من أنواع الملاذ من النساء والبنين، فبدأ بالنساء لأن الفتنة بهن أشد، روى البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" [1]. فأما إذا كان القصد بهن العفاف، وكثرة الأولاد فهذا مطلوب مرغوب، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- منها ما رواه مسلم في صحيحه من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" [2]. تفسير زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء.. - إسلام ويب - مركز الفتوى. وحب البنين تارة يكون للتفاخر والزينة، فهو داخل في هذا، وتارة يكون لتكثير النسل، وتكثير امة محمد -صلى الله عليه وسلم- ممن يعبد الله وحده لا شريك له، فهذا محمود ممدوح، روى الإمام أبوداود في سننه من حديث معقل بن يسار - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم" [3]. وحب المال كذلك، تارة يكون للفخر والخيلاء، والتكبر على الضعفاء، والتجبر على الفقراء، فهذا مذموم، وتارة للنفقة في القربات وصلة الأرحام، والقرابات ووجوه البر والطاعات، فهذا ممدوح شرعًا [4].

  1. تفسير زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء.. - إسلام ويب - مركز الفتوى
  2. القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة آل عمران - الآية 14
  3. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة آل عمران - الآية 14

تفسير زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء.. - إسلام ويب - مركز الفتوى

فاستغل الكفار هذه الصفة في الإنسان فغذوا بها ضعاف المؤمنين، وسخروهم بالشهوات لاستخراج الشبهات وضرب المحكمات بها للقضاء على أحكام الدين، وإحلال أحكام الطاغوت محلها. القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة آل عمران - الآية 14. والشهوات التي تأسر الإنسان كثيرة ومتنوعة، وبعضها يأخذ برقاب بعض، بحيث لو قوي المفتون على التخلص من بعضها لم يقدر على بعضها الآخر، وفي الآية ذِكْرُ { النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْـمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْـخَيْلِ الْـمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْـحَرْثِ} [آل عمران:14]، وهذه أصول الشهوات البشرية التي يتفرع عنها شهوات كثيرة يسعى بنو آدم إلى تحصيلها والاستمتاع بها. أولها: حبّ النساء ، وقد فطرت عليه قلوب الرجال، حتى إن أشد الرجال بأساً ليضعف ويذل أمام جمال أضعف النساء؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: « ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ على الرِّجَالِ من النِّسَاءِ » (أخرجه البخاري: 4808؛ ومسلم: 2740). وثانيها: حبّ البنين، وهو فطري لا حرج فيه، لكن الممنوع منه الإفراط في حبهم والحرص عليهم بحيث يؤدي إلى فعل المحرم لأجلهم؛ ولذا قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن:14].

القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة آل عمران - الآية 14

وقوله: ﴿ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ﴾ [آل عمران: 14]، الأنعام: الإبل والبقر والغنم، والحرث الأرض المتخذة للغراس والزراعة، ثم قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [آل عمران: 14]، أن إنما هذا زهرة الحياة الدنيا وزينتها الزائلة، ﴿ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14]، أي حسن المرجع، ثم قال تعالى: ﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ ﴾ [آل عمران: 15] أي قل يا محمد للناس الذين زين لهم حسب الشهوات من النساء والبنين، وسائر ما ذكرنا: أأخبركم وأعلمكم بخير وأفضل لكم منذ لك كله؟! ﴿ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [آل عمران: 15]، أنهار العسل واللبن والخمر والماء، وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ [آل عمران: 15]، أي ماكثين فيها أبد الآباد، ﴿ وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ﴾ [آل عمران: 15]، أي من الدنس والخبث والأذى، والحيض والنفاس، وغير ذلك مما يعتري نساء الدنيا، ﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ [التوبة: 72] أي: أعظم مما أعطاهم من النعيم المقيم، ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 15]، أي: يعطي كلًا ما يستحقه من العطاء.

القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة آل عمران - الآية 14

2- والكفار، وهم داعمون لأهل الأهواء وأتباع الشبهات مادياً ومعنوياً، بل وسياسياً واستخباراتياً وعسكرياً، فيما يرومونه من مسخ الشريعة الربانية وإحلال الشريعة الغربية الليبيرالية محلها. 3- وأهل الإيمان والاحتساب يدافعون غوائل الطائفتين الأوليين، ويصدون هجومهم المستمر على الشريعة الربانية، ويحذرون الناس منهم. وهذا الصراع سنة ربانية كتبها الله تعالى على المؤمنين ابتلاء لهم؛ لتعظم أجورهم، وترفع منازلهم في الآخرة على جهادهم في الدنيا ، فهي سنة حتمية لا محيص عنها ولا مهرب منها. وأهل الكفر لا يستطيعون النفاذ إلى المجتمعات المؤمنة إلا عن طريق من يتّبعون المتشابه، الذين يسقطون المحكمات بالمتشابهات، تمهيداً لإحلال شريعة الكفار محل الإسلام، ويشوشون بالمتشابهات على عوام المسلمين لحشد الرأي العام خلف مشروعاتهم وأطروحاتهم التي يصفونها بالإصلاحية والتطويرية والتقدمية ونحوها.

فأتباع الشبهات في زمننا اجترؤوا على انتهاك حمى الشريعة، سواء بالتشكيك في أصل الدين، وتمثل ذلك في موجة الإلحاد والزندقة التي جرفت جمعاً من الشباب فطوحت بهم في أودية الجحود أو الشك؛ أو كانت في تحليل المحرمات وإسقاط الواجبات، فإن كثيراً من أهل الأهواء وعُبَّاد المناصب والشهوات استخرجوا شذوذ الأقوال والفتوى من بطون الكتب وشغبوا به على المحكم في إباحة المحرم، كالاختلاط، وسفر المرأة بلا محرم، وتحديد سن الزواج، وتقنين القضاء وغير ذلك؛ أو إسقاط الواجب، ومن أمثلته إضعاف واجب الحسبة، وتقليصه إلى أقصى حد ممكن، وحصره في فئة قليلة. قال الله تعالى: { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْـمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْـخَيْلِ الْـمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْـحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْـمَآبِ} [آل عمران:14]. هذه الآية جاءت في سياق صراع أهل الحق مع الباطل، فقبلها ببضع آيات ذكر الله تعالى من يتّبعون المتشابه من النصوص والأحكام ليقفزوا به على محكمات الشريعة بالإبطال والإلغاء، ويضربوا النصوص بعضها ببعض ليُخرجوا المحكم عن إحكامه ويضعفوا دلالته على الحكم، ليقوموا بعد ذلك بتمرير الشبهات التي يُضلون بها الناس؛ كما هي عادة أهل الأهواء { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ} [آل عمران:7].

وثالثها: حبّ المال، وجاء التعبير عنه بالقناطير المقنطرة لبيان محبة الإنسان للكثرة ال? اثرة من المال، فلا يشبع منه مهما كثر؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لو أَنَّ لابن آدَمَ وَادِياً من ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ له وَادِيَانِ وَلَنْ يَمْلَأَ فَاهُ إلا التُّرَابُ » (أخرجه البخاري: 6075؛ ومسلم: 1048). ورابعها: الخيل المسوّمة، وكانت أجود المراكب وأغلاها، والعرب تفاخر بها وتذكرها كثيراً في الشعر، وكانت تتخذها زينة أيضاً؛ كما في قول الله تعالى: { وَالْـخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْـحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل:8]، ووصفها بالمسوّمة، سواء كان معناه السائمة التي ترعى، فيه دلالة على ثراء أصحابها بكثرة مراعيهم واتساعها، أو كان معناه أنها توسم بوسم يدل على جودتها وأصالتها وسرعتها، وكلا المعنيين دالان على الثراء واتساع المال. وخامسها: الأنعام، وفيها من المنافع شيء كثير، وتتخذ كذلك زينة { وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ. وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل:5-6]. وسادسها: الحرث، وهو الزرع، ويشمل الجنات والحوائط وحقول الزرع، سواء كانت كبيرة أو صغيرة.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]