( وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)[الحج: 65]. جعلها الله سقفا للأرض محفوظا من الشياطين: ( وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا)[الأنبياء: 32]. ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ)[الحجر: 16 – 18]. جعل لها أبوابـا لا تفتح إلا بإذنـه: ( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء)[الأعراف: 40]. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة آل عمران - الآية 190. وفي يوم القيامة يطوي الله هذه السماوات بيمينه: ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)[الأنبياء: 104]. ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الزمر: 67]. أيها المسلمون: إن هذه الآيات الكريمة العظيمة لتدل دلالة قاطعة لا تقبل الشك ولا الجدال، في أن السماوات السبع أجرام محسوسة، رفيعة قوية، محكمة محفوظة، لا يستطيع أحد دخولها، ولا اختراقها إلا بإذن الله -عز وحل- ألم تعلموا أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- أشرف البشر، وجبريل أشرف الملائكة، ما دخلا السماوات حين عروجها إلا بإذن، والاستفتاح، فكيف بغيرهما من المخلوقين؟.
هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) { هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}: المتأمل في خلق الملك سبحانه للسماوات والأرض في ستة أيام وهو القادر على قول كن فيكون, يعلم أن التمهل والصبر والأناة وعدم استعجال الثمرات من سنن الله في كونه. خلق سبحانه السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على عرشه مرتفعاً عن مخلوقاته, يعلم كل أسرار ممالك كونه العلوية والسفليه, يعلم ما يدخل ويخرج وينزل ويصعد, كل كبير وصغير, معيته مع خلقه وعلمه وسع كل شيء. له وحده الملك والتصرف وكلمته وحده هي الحق المبين الذي لا يأتيه الباطل, وأمره واجب الطاعة, ونهيه واجب الإذعان, وإليه وحده ترجع الأمور والأعمال ليجازي كل امريء بما كسبت يداه.
وقد حاول بعض العلماء استباط الحكمة من خلق السموات والأرض في ستة أيام: 1- قال الإمام القرطبي - رحمه الله - في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن " لآية الأعراف ( 54) ( 4/7/140): (... وذكر هذه المدة - أي ستة أيام - ولو أراد خلقها في لحظة لفعل ؛ إذ هو القادر على أن يقول لها كوني فتكون ، ولكنه أراد: - أن يعلم العباد الرفق والتثبت في الأمور. - ولتظهر قدرته للملائكة شيئاً بعد شيء.... - وحكمة أخرى: خلقها في ستة أيام ؛ لأن لكل شيء عنده أجلا ، وبيّن بهذا ترك معاجلة العصاة بالعقاب ؛ لأن لكل شيء عنده أجلاً... ) ا. هـ. 2- وقال ابن الجوزي في تفسيره المسمى بـ " زاد المسير " ( 3/162) في تفسير آية الأعراف: (... تفسير إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب – جربها. فإن قيل: فهلا خلقها في لحظة ، فإنه قادر ؟ فعنه خمسة أجوبة: أحدها: أنه أراد أن يوقع في كل يوم أمراً تستعظمه الملائكة ومن يشاهده ، ذكره ابن الأنباري. والثاني: أنه التثبت في تمهيد ما خُلق لآدم وذريته قبل وجوده ، أبلغ في تعظيمه عند الملائكة. والثالث: أن التعجيل أبلغ في القدرة ، والتثبيت أبلغ في الحكمة ، فأراد إظهار حكمته في ذلك ، كما يظهر قدرته في قوله ( كن فيكون). والرابع: أنه علّم عباده التثبت ، فإذا تثبت مَنْ لا يَزِلُّ ، كان ذو الزلل أولى بالتثبت.