ونبلوكم بالشر والخير فتنة - YouTube
إن ما يصيب المؤمن في هذه الدار من تسلط عدوه عليه وغلبته له وأذاه له في بعض الأحيان أمر لابد منه. معنى آية: ونبلوكم بالشر والخير فتنة، بالشرح التفصيلي - سطور. لقد مضت سنة الله في الابتلاء أنه يمتحن عباده بالشر والخير أي يختبرهم بما يصيبهم مما يثقل عليهم كالمرض والفقر والمصائب المختلفة, كما يختبرهم بما ينعم عليهم من النعمة المختلفة التي تجعل حياتهم في رفاهية ورخاء وسعة العيش كالصحة والغنى ونحو ذلك، ليتبين بهذا الامتحان من يصبر في حال الشدة ومن يشكر في حال الرخاء والنعمة، قال تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الإنبياء:35]. أي نختبركم بما يجب فيه الصبر من البلايا والمصائب والشدائد, كالسقم والفقر وغير ذلك, كما نختبركم بما يجب فيه الشكر من النعم كالصحة والغنى والرخاء ونحو ذلك, فيقوم المنعم عليه بأداء ما افترضه الله عليه فيما أنعم به عليه. وكلمة فتنة في قوله تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً أي ابتلاء في مصدر مؤكد لقوله تعالى: وَنَبْلُوكُم من غير لفظه, وقوله: وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ, أي فنجازيكم على حسب ما يوجد منكم من الصبر أو الشكر. فاختبار الله تعالى لعباده تارة بالمسارِّ ليشكروا وتارة بالمضار ليصبروا، فالمنحة والمحنة جميعاً بلاء، فالمحنة مقتضية للصبر والمحنة مقتضية للشكر، والقيام بحقوق الصبر أيسر من القيام بحقوق الشكر، فالمنحة أعظم البلاءين, وبهذا النظر قال عمر -رضي الله عنه-: "بلينا بالضراء فصبرنا وبلينا بالسراء فلم نصبر".
كما أنها سنن الذين سبقوا وعلامة على اصطفاء الله لعباده، قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}. رزقنا الله النَّجَاةَ مِنَ الفتن ما ظهر منا وما بطن، ورزقنا الهداية. محتوي مدفوع إعلان
وعندما يخلق الله الإنسان بعاهة من العاهات فهو سبحانه يعوضه بموهبة ما. هكذا نرى أن العالم كله قد فتن الله بعضه ببعض ، وكذلك كانت الجماعة المؤمنة فتنة للجماعة الكافرة، وكانت الجماعة الكافرة فتنة لرسول الله، ورسول الله فتنة لهم فساعة يرى رسول الله الكفار وهم يجترئون عليه ويقولون: { وقالوا لولا نزل هـاذا القرآن علىا رجل من القريتين عظيم} [ الزخرف: 31]. يعرف أن هؤلاء القوم يستكثرون عليه أن ينزل عليه هذا القرآن العظيم، وفي هذا القول فتنة واختبار لرسول الله ، وهو يصبر على ذلك ويمضي إلى إتمام البلاغ عن الله ولا يلتفت إلى ما يقولون، بل يأخذ هذا دليلا على قوة المعجزة الدالة على صدق رسالته. والجماعة التي استكبرت وطلبت طرد المستضعفين هم فتنة للمستضعفين، والمستضعفون فتنة لهم، فلو أن الإيمان قد اختمر في نفوس المستكبرين لما استكبروا أن يسبقهم الضعاف إلى الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم. إذن فكلنا يفتن بعضنا بعضا. وكل إنسان عندما يرى موهوبا بموهبة لا توجد لديه فليعلم أنها فتنة له وعليه أن يقبلها ويرضى بها في غيره. وما عبد الله بشيء خيرا من أن يحترم خلق الله قدر الله في بعضهم بعضا ، ولذلك يختبرنا الحق جميعا، فإن كنت مؤمنا بالله فاحترم قدر الله في خلق الله حتى يجعل الله غيرك من الناس يحترمون قدر الله فيك.