ولكنهم وقفوا وتمسكوا بمواقفهم وآرائهم، وهذه أزمة أخرى ضاعفت من تأزم الحدث. ولكني.. أعرف.. وهذا مشكل إضافي لمن كان على رأس اختيار الأعضاء المعينين، وهو الدكتور عبد العزيز السبيل، وساعده بعض الحواريين الذين لم يعرفوا أقدار الرجال وقيمتهم، وهذه أزمة مضافة؛ لأن أعماله في تلك المرحلة تمت بعد حلقة طويلة في سلسلة من التصرفات والأفكار والسياسات الغريبة على الحدث، التي لم تساعده على خلق تماسك للبناء الأدبي والثقافي في مكة المكرمة، وربما غيرها من مدن وطني. كانت أدراج مكاتب المسؤولين تستوعب أكبر كمية من أوراق خطاباتي الإصلاحية والاعتراضية والتنويرية، وعملية التعيين وما تبعها سوف تسمى في تاريخنا السياسي والثقافي بمسمى.. (تجاوزات أخلاقية).. وخزي لشرف المهنة، ولقامات الرجال. قضي الامر الذي فيه تستفتيان. هذه ليست حقائق الأمور كاملة - كما يظن بعضكم - بل إنها كونت ظاهرة على مستوى الأندية في بلادنا، أظهرت العديد من الأجراح المنتفخة على سطح جسدنا الثقافي والأدبي. *عراقة*.. نادي مكة الثقافي الأدبي، هو مصير محتوم لكم وعليكم، ينبغي ألاّ تلغى أو تهمش، أو تقصى، أو تذوب في مستنقعات مالحة؛ فالملح يذوب سريعًا في الماء. لا بد لكم من الإمساك باللحظات التاريخية التي عاشها هذا النادي العريق والمجيد؛ لأنه عاش حالات وإنجازات شامخة.
[1] ضلعت معها: مَالَأَتْها وسانَدَتْها.
ومثل هذا الإنسان حريٌّ أن يُستفتى وأن يُستنصح. فلما رأى أحدهما رؤيا أرّقته جاء يعرض رؤياه عليه ويستفتيه في تأويلها، وفعل الثاني مثله ، فالأول رأى نفسه يسقي سيده الخمر ، ورأى الثاني أنه كان يحمل فوق رأسه خبزاً يأكل الطير منه. ولن يجد صاحب الحاجة تفسيراً لما يؤرقه إلا عند من يثق بدينه وخلقه وفهمه ( نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين). قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. فلقد كان يوسف عليه السلام من سادة المحسنين وينتمي إلى دوحة النبوة المشرق بنور الإيمان والإحسان، ( فهو النبيُّ يوسف ابنُ النبيِّ يعقوبَ ابنِ النبيِّ إسحاقَ ابنِ النبيِّ إبراهيمَ) عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه. - قرر أن يجيبهما – وهل يملك إلا أن يجيبهما؟، فمن لجأ إليك واستعان بك فمن المروءة أن تكون عند حسن ظنه. ولكن لا بد أن يغتنم فرصة انتباههما إليه ووقوفهما بين يديه فيدعوَهما إلى دين الحق ويخرجهما من ظلم الشرك وظلام الكفر إلى العدل التوحيد ونور الإيمان ، فبدأ: أولاً: بترسيخ الثقة التي أولياه إياها فأنبأهما أنه يعلم بعض الأمور الغيبية التي وهبه الله تعالى علمها قبل أن تتحقق. ( لا يأتيكما طعام تُرزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما). ثانياً: وأن هذا العلم ما أوتيه إلا لأنه يؤمن بالله الواحد الأحد, وأهل التوحيد هم أهل البصيرة الحقة.
طيلة هذا التاريخ لم تتوقف عملية تهويد القدس. القدس في ذمة التاريخ اليوم وهي عاصمة بحكم الواقع لإسرائيل حتى ولو أنكرنا ذلك، وقرار ترامب شكلي فقط ولكن السؤال المخيف يتعلق بما يلوح في الأفق وهو: هل ستكتفي إسرائيل بالقدس، وهل ستتوقف أطماع إسرائيل عند الاعتراف بها عاصمة لها؟ لا أتوقع ذلك فالتاريخ علمنا ألا حدود لأطماع إسرائيل، وأنها كالضبع تلتهم أي ضعيف تجده في طريقها.
كان رد السّماء بعض المهلة في السجن حتى يتم ثقل يوسف ويبلغ من الصبر ما بلغ وحين موعد انقضاء الأجل سيحرك الله له من الأسباب ما تعجب منها الأنفس وترتفع لها الرقاب تمكن يوسف من العلم وبلغ فيه مبلغه، فكان من اليسير السهل أن يفسر لصاحبيه رؤاهما بكل ثقة، بل ولثقته في صدق علمه ودقة تفسيره طلب من أحدهما (الذي سينجو من الحبس)، أن يذكر الملك بقضيته التي ظلم فيها مما يدل على منتهى الثقة فيما علمه الله له، ثم الأخذ بأسباب النجاة الذي لا ينافي التوكل على الله. فكان رد السماء بعض المهلة في السجن حتى يتم ثقل يوسف ويبلغ من الصبر ما بلغ وحين موعد انقضاء الأجل سيحرك الله له من الأسباب ما تعجب منها الأنفس وترتفع لها الرقاب، سيحرك له ملك الملوك سبحانه ملك الأرض ويجعله في أشد الحاجة إليه، ثم سيجعل الأرض كلها في أشد الحاجة لعلمه وحكمته، ليرتفع شأنه بين الأنام ويتولى قيادة خزائن الأرض. { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ * وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: 41-42].