موقع شاهد فور

ومن يغفر الذنوب إلا الله

May 20, 2024

ويقول سيدنا إبراهيم عن الأصنام: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 77] إنه يضع الاستثناء ليحدد بوضوح قاطع ويقول لقومه: إن ما تعبدونه من الأصنام، كلهم عدو لي، إلا رب العالمين. كأن قوم إبراهيم كانوا يؤمنون بالله ولكن وضعوا معه بعض الشركاء. ولذلك قال إبراهيم عليه السلام عن الله: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} [الشعراء: 78- 79] إذن الشرك ليس فقط إنكار الوجود لله بل قد يكون إشراكًا لغير الله مع الله. ولأن من يعبدونه ويدعونه في مصائبهم: {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا... ومن يغفر الذنوب إلا الله. } اهـ.. التفسير المأثور: قال السيوطي: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116)} أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: دعاني معاوية فقال: بايع لابن أخيك. فقلت: يا معاوية {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا} فأسكته عني.

ان الله يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك با ما

ولو تأملنا هذه الرواية لزال ما في النفس من تساؤلات، وخلا القلب من تسلُّلات الشيطان؛ لأن معنى التواب أنه غافر الذنوب جميعها متى طرقت أبوابه، فلا يجوز الاشتراط على صاحب الكرم والجود والعطاء: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]. انظروا إلى رحمة الله عز وجل: ﴿ لَا تَقْنَطُـوا مِن رَحْمَةِ اللهِ ﴾؛ أي: يا أيتها الأنفس، لا تيئَسوا ولا تحزنوا، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وتقولوا: قد كثُرت ذنوبنا، وتراكمت عيوبنا، فليس لها طريق ولا سبيل، فتبقى القلوب بسبب ذلك مُصرة على العصيان، سالكة دروب الضلال، متزودة بكل معاني الغفلة والكسل، ولكن اعلموا أن ربكم يغفـر الذنوب جميعًا من الشرك، والقتل والزنا والربا والظلم، وغير ذلك من الذنوب، ولهذا كانت من أسمائه أنه التواب؛ فانفُض الشك في قبولها، وأقبل تُفتحْ لك أبواب الخير والتوبة متى طرقتها. أما الإحساس الذي قد يداخلك، فإنه نابع من عدم يقين النفس بسعة رحمة الخالق، ونقص في الإيمان، وضعف بداخل القلوب ووساوس من الشيطان أن الله لن يغفر لك!

وما دون الشرك فللعفو فيه مساغ، ومن توسَّل إليه سبحانه بما توهَّم من نفسه فقد أشرك من حيث لم يعلم. كلاّ، بل هو الله الواحد. فصل: مناسبة الآيتين لما قبلهما:|نداء الإيمان. من فوائد الشعراوي في الآية: قال رحمه الله: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشَاءُ} والحق هنا يتكلم عن إنسان لم تحدث له توبة عن الشرك فيؤمن؛ لأن الإيمان يَجُبُّ ما قبله أي يقطع ما كان قبله من الكفر والذنوب التي لا تتعلق بحقوق الآخرين كظلم العباد بعضهم بعضا. ومن عظمة الإيمان أن الإنسان حين يؤمن بالله وتخلص النية بهذا الإيمان، وبعد ذلك جاءه قدر الله بالموت، فقد يعطيه سبحانه نعيما يفوق من عاش مؤمنا لفترة طويلة قد يكون مرتكبًا فيها لبعض السيئات فينال عقابها. مثال ذلك «مخيريق» فحينما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد قال مخيريق لليهود: ألا تنصرون محمدًا والله إنكم لتعلمون أن نصرته حق عليكم فقالوا: اليوم يوم سبت فقال: لا سبت. وأخذ سيفه ومضى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل حتى أثبتته الجراحة (أي لا يستطيع أن يقوم معها) فلما حضره الموت قال: أموالي إلى محمد يضعها حيث شاء. فلم يصل في حياته ركعة واحدة ومع ذلك نال مرتبة الشهيد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مخيريق سائق يهود وسلمان سائق فارس وبلال سائق الحبشة».

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]