موقع شاهد فور

إسلام ويب - في ظلال القرآن - تفسير سورة الشعراء - تفسير قوله تعالى وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين- الجزء رقم5

June 29, 2024

وقد بدأ هذا القصص بعد مقدمة السورة، والحديث فيها خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومشركي قريش: لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين. إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين. وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين. فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ثم سيق القصص، وكله نماذج للقوم يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون! فلما انتهى القصص عاد السياق إلى موضوع السورة الذي تضمنته المقدمة; فجاء هذا التعقيب الأخير، يتحدث عن القرآن، فيؤكد أنه تنزيل رب العالمين - ومنه هذا القصص الذي مضت به القرون، فإذا القرآن ينزل به من رب العالمين - ويشير إلى أن علماء بني إسرائيل يعرفون خبر هذا الرسول وما معه من القرآن، لأنه مذكور في كتب الأولين؛ إنما المشركون يعاندون الدلائل الظاهرة; ويزعمون أنه سحر أو شعر، ولو أن أعجميا لا يتكلم العربية نزل عليه هذا القرآن فتلاه عليهم بلغتهم ما كانوا به مؤمنين؛ لأن العناد هو الذي يقعد بهم عن الإيمان لا ضعف الدليل! وما تنزلت الشياطين بهذا القرآن على محمد - صلى الله عليه وسلم - كما تتنزل بالأخبار على الكهان؛ وما هو كذلك بشعر، فإن له منهجا ثابتا والشعراء يهيمون في كل واد وفق الانفعالات والأهواء؛ إنما هو القرآن المنزل من عند الله تذكيرا للمشركين، قبل أن يأخذهم الله بالعذاب، وقبل أن يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.. وإنه لتنزيل رب العالمين.

الباحث القرآني

«و { الْكِتَاب}: القرآن، وعُدِلَ عن لفظ القرآن الذي هو كالعَلَمِ عليه إلى لفظ الكتاب المعهود لإيمائه إلى معنى تعظيمه بأنه المشتهر من بين كتب الأنبياء» [5]. فمن عظمة القرآن أنه نزل من الله تعالى وحده لا من غيره؛ لنفع الناس وهدايتهم، فاجتمعت في القرآن العظيم خمس فضائل: 1- أنه أفضل الكتب السَّماوية. 2- نزل به أفضل الرسل وأقواهم، الأمين على وحي الله تعالى. 3- نزل على أفضل الخلق، محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم. 4- نزل لأفضل أمة أُخرجت للناس. 5- نزل بأفضل الألسنة وأفصحها، وأوسعها، وهو اللسان العربي المبين [6]. [1] انظر: عناية الله وعناية رسوله بالقرآن الكريم، أ. د. أبو سريع محمد (ص1). وهو بحث مقدم إلى مؤتمر القرآن الكريم وأثره في إسعاد البشرية، كلية الشريعة - جامعة الكويت، بتاريخ (25، 26/ 11/ 1415هـ). [2] التحرير والتنوير (30/ 402). [3] تفسير أبي السعود (9/ 182). [4] هو محمد الطَّاهر بن عاشور، رئيس المفتين المالكيين بتونس وشيخ جامع الزيتونة، وهو من أعضاء المَجْمَعين العربيين في دمشق والقاهرة، ولد سنة (1296هـ)، وتوفي سنة (1393هـ). من مصنفاته: «مقاصد الشريعة الإسلامية»، و«تفسير التحرير والتنوير»، و«أصول الإنشاء والخطابة».

تفسير سورة الشعراء الآية 193 تفسير ابن كثير - القران للجميع

(نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ) وهو جبريل عليه السلام, الذي هو أفضل الملائكة وأقواهم (الأمِينُ) الذي قد أمن أن يزيد فيه أو ينقص.

وليس القرآن وحده تنزيلَ رب العالمين، إما كل الكتب السابقة السماوية كانت تنزيلَ رب العالمين، لكن الفرق بين القرآن والكتب السابقة أنها كانت تأتي بمنهج الرسول فقط، ثم تكون له معجزة في أمر آخر تثبت صِدْقه في البلاغ عن الله. فموسى عليه السلام كان كتابه التوراة، ومعجزته العصا، وعيسى عليه السلام كان كتابه الإنجيل، ومعجزته إبراء الأكمة والأبرص بإذن الله، أما محمد صلى الله عليه وسلم فكان كتابه ومنهجه القرآن ومعجزته أيضاً، فالمعجزة هي عَيْن المنهج. فلماذا؟ قالوا: لأن القرآن جاء منهجاً للناس كافّةً في الزمان وفي المكان فلا بد ـ إذن ـ أن يكون المنهج هو عَيْن المعجزة، والمعجزة هي عَيْن المنهج، وما دام الأمر كذلك فلا يصنع هذه المعجزة إلا الله، فهو تنزيل رب العالمين. أما الكتب السابقة فقد كانت لأمة بعينها في فترة محددة من الزمن، وقد نزلتْ هذه الكتب بمعناها لا بنصِّها؛ لذلك عيسى ـ عليه السلام ـ يقول: " سأجعل كلامي في فمه " أي: أن كلام الله سكيون في فم الرسول بنصِّه ومعناه من عند الله، ما دام بنصِّه من عند الله فهو تنزيل رب العالمين. ثم يقول الحق سبحانه: { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ}

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]