وقيل إنّها نزلت في أوّل ليلة من رمضان، فيما ذُكر في السند عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أُنزِلَت صحُفُ إبراهيمَ أوّلَ ليلةٍ من رمضانَ، و أُنزلَت التوراةُ لستٍّ مَضَين من رمضانَ، وأُنزِلَ الإنجيلُ لثلاثِ عشرةَ ليلةً خلَتْ من رمضانَ، وأُنزلَ الزَّبورُ لثمانِ عشرةَ خلَتْ من رمضانَ، وأُنزِلَ القرآنُ لأربعٍ وعشرين خلَتْ من رمضانَ) ، [٥] وهذا الحديث يدلُّنا أيضاً على موعد نزول باقي الكتب السماوية. وقد بلغ عدد صحف إبراهيم -عليه السلام- عشرة صحائف، محتويةً على العديد من الأمثال، والتي بلغت الغاية في التفخيم وعلوِّ الشأن في القرآن الكريم، ونذكر مثالاً منها: "وعلى العاقل أن يكون له ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربَّه، وساعة يحاسب فيها نفسه، يفكر فيها في صنع الله - عزّ وجلّ- إليه، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب". [٦] التوراة هو الكتاب الذي أُنزل على نبي الله موسى -عليه الصلاة والسلام-، فقد ذُكرت التوراة في الكتاب العزيز، في قوله - تعالى-: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّـهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ).
و كان هذا التعليق لجبل الطور من أجل تأديبهم و تخويفهم، من أجل أن يسجدوا و يسلّموا للحقّ؛ فسجد بعضهم و قالوا القول الحقّ الذي قيل لهم، و قال بعضهم كلاماً آخر. و كان هارون وصيّ موسى منذ البداية، لكنّه (و هو أخو موسى) رحل عن الدنيا قبل موسى بينما كان في التيه، فغضب موسى يوشع بن نون وصيّاً له. (وَ اذْكُرْ إِسْمَــعِيلَ وَالْيَسَعَ وَ ذا الْكِفْلِ وَ كُلُّ مِّنَ الاْخْيَارِ). أمّا كيفيّة نزول الإنجيل فأكثر إبهاماً، إذ ليس مشخّصاً أنّ الإنجيل نزل علی عيسى في هيئة وحي سماويّ! ليكون ـ من ثُمّ ـ كتاباً؛ أو انّه كان من تليقين موسى، أو أنّه كان علی نحوٍ آخر ثم جُمع كتاباً. قراءة سورة الحديد - AlHadid | نص مكتوب بالخط الرسم العثماني. و علی كلّ حال فقد كُتبت جميع الأناجيل بعد عيسى، فكُتب بعد صعوده مائة و عشرون إنجيلاً عُدّت أربعة منها معتبرة، أي أنّ الكنيسة اعترفت برسميّتها، و هي الأناجيل التي دوّنها لُوقَا و يُوحَنَّا و مِرْقِس و مَتزي؛ أمّا الأناجيل المائة و الستّة عشر الباقية فقد عُدّت مرفوضة، و هي الآن كذلك لا يعمل بها أحد. أمّا كيف جري تدوين الإنجيل و كيف أُلقي فأمرٌ ليس واضحاً أبداً؛ و ليس هناك ـ أساساً ـ بين المسيحيين كلام في كيفيّة إنجيلهم و كيفيّة نزوله، و النحو الذي جري به تداوله بينا لناس.