موقع شاهد فور

وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم

June 28, 2024

فأتى الله بنيانه من القواعد ، فتداعى الصرح عليهم فهلكوا جميعا ، فهذا معنى وقد مكروا مكرهم وفي الجبال التي عنى زوالها بمكرهم وجهان: أحدهما: جبال الأرض. الثاني: الإسلام والقرآن; لأنه لثبوته ورسوخه كالجبال. وقال القشيري: وعند الله مكرهم أي هو عالم بذلك فيجازيهم أو عند الله جزاء مكرهم فحذف المضاف. وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال بكسر اللام; أي ما كان مكرهم مكرا يكون له أثر وخطر عند الله تعالى ، فالجبال مثل لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: وإن كان مكرهم في تقديرهم لتزول منه الجبال وتؤثر في إبطال الإسلام. فصل: إعراب الآيات (49- 51):|نداء الإيمان. وقرئ " لتزول منه الجبال " بفتح اللام الأولى وضم الثانية; أي كان مكرا عظيما تزول منه الجبال ، ولكن الله حفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو كقوله تعالى: ومكروا مكرا كبارا والجبال لا تزول ولكن العبارة عن تعظيم الشيء هكذا تكون.

القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة ابراهيم - الآية 46

حدثني المثنى ، قال: ثنا أبو حذيفة ، قال: ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال " مكر فارس. وزعم أن بختنصر خرج بنسور ، وجعل له تابوتا يدخله ، وجعل رماحا في أطرافها واللحم فوقها. القرآن الكريم - تفسير البغوي - تفسير سورة ابراهيم - الآية 46. أراه قال: فعلت تذهب نحو اللحم حتى انقطع بصره من الأرض وأهلها ، فنودي: أيها الطاغية أين تريد؟ ففرق: ثم سمع الصوت فوقه ، فصوب الرماح ، فتصوبت النسور ، ففزعت الجبال من هدتها ، وكادت الجبال أن تزول منه من حس ذلك ، فذلك قوله " وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ". حدثا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، قال: قال ابن جريج ، قال مجاهد: "وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كاد مكرهم " [ ص: 40] كذا قرأها مجاهد "كاد مكرهم لتزول منه الجبال" وقال: إن بعض من مضى جوع نسورا ، ثم جعل عليها تابوتا فدخله ، ثم جعل رماحا في أطرافها لحم ، فجعلت ترى اللحم فتذهب ، حتى انتهى بصره ، فنودي: أيها الطاغية أين تريد؟ فصوب الرماح ، فتصوبت النسور ، ففزعت الجبال ، وظنت أن الساعة قد قامت ، فكادت أن تزول ، فذلك قوله تعالى " وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ". قال ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن عمر بن الخطاب ، أنه كان يقرأ " وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ".

القرآن الكريم - تفسير البغوي - تفسير سورة ابراهيم - الآية 46

قال القاضي: وهذا بعيد جدا لأن الخطر فيه عظيم ولا يكاد العاقل يقدم عليه وما جاء فيه خبر صحيح معتمد ولا حجة في تأويل الآية البتة. المسألة الثانية: قوله: ( وعند الله مكرهم) فيه وجهان: الأول: أن يكون المكر مضافا إلى الفاعل كالأول. والمعنى: ومكتوب عند الله مكرهم فهو يجازيهم عليه بمكر هو أعظم منه. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة ابراهيم - الآية 46. والثاني: أن يكون المكر مضافا إلى المفعول ، والمعنى: وعند الله مكرهم الذي يمكر بهم وهو عذابهم الذي يستحقونه يأتيهم به من حيث لا يشعرون ولا يحتسبون. أما قوله تعالى: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) فاعلم أنه قرأ الكسائي وحده " لتزول " بفتح اللام الأولى ورفع اللام الأخرى منه ، والباقون بكسر الأولى ونصب الثانية. أما القراءة الأولى: فمعناها أن مكرهم كان معدا لأن تزول منه الجبال ، وليس المقصود من هذا الكلام الإخبار عن وقوعه ، بل التعظيم والتهويل وهو كقوله: ( تكاد السماوات يتفطرن منه) [ مريم: 90]. وأما القراءة الثانية: فالمعنى: أن لفظ " إن " في قوله: ( وإن كان مكرهم) بمعنى " ما " واللام المكسورة بعدها يعني بها الجحد ومن سبيلها نصب الفعل المستقبل. والنحويون يسمونها لام الجحد ، ومثله قوله تعالى: ( وما كان الله ليطلعكم على الغيب) [ آل عمران: 179].

فصل: إعراب الآيات (49- 51):|نداء الإيمان

الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 46 - سورة إبراهيم ﴿ تفسير التحرير و التنوير - الطاهر ابن عاشور ﴾ يجوز أن يكون عطفَ خبر على خبر ، ويجوز أن يكون حالاً من { الناس} في قوله: { وأنذر الناس} ، أي أنذرهم في حال وقوع مكرهم. والمكر: تبييت فعل السوء بالغير وإضمارُهُ. وتقدم في قوله تعالى: { ومكروا ومكر الله} في سورة آل عمران ( 54) ، وفي قوله: { أفأمنوا مكر الله} في سورة الأعراف ( 99). وانتصب مكرهم} الأول على أنه مفعول مطلق لفعل { مكروا} لبيان النوع ، أي المكر الذي اشتهروا به ، فإضافة { مكر} إلى ضمير { هم} من إضافة المصدر إلى فاعله. وكذلك إضافة { مكر} الثاني إلى ضمير { هم}. والعندية إما عندية عِلم ، أي وفي علم الله مكرهم ، فهو تعري بالوعيد والتهديد بالمؤاخذة بسوء فعلهم ، وإما عندية تكوين ما سُمي بمكر الله وتقديره في إرادة الله فيكون وعيداً بالجزاء على مكرهم. وقرأ الجمهور { لتزول} بكسر اللام وبنصب الفعل المضارع بعدها فتكون ( إن) نافية ولام { لتزول} لام الجحود ، أي وما كان مكرهم زائلة منه الجبال ، وهو استخفاف بهم ، أي ليس مكرهم بمتجاوز مكر أمثالهم ، وما هو بالذي تزول منه الجبال. وفي هذا تعريض بأن الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين الذين يريد المشركون المكر بهم لا يزعزعهم مكرهم لأنهم كالجبال الرواسي.

الجبال: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وسَمِعْتُ مِن أبِي رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّهُ رُوِيَ أنَّ التَبْدِيلَ يَقَعُ في الأرْضِ، ولَكِنْ يُبَدَّلُ لِكُلِّ فَرِيقٍ بِما تَقْتَضِيهِ حالُهُ، فالمُؤْمِنُ يَكُونُ عَلى خُبْزٍ يَأْكُلُ مِنهُ بِحَسْبِ حاجَتِهِ إلَيْهِ، وفَرِيقٌ يَكُونُ عَلى فِضَّةٍ -إنَّ صَحَّ السَنَدُ بِها-، وفَرِيقُ الكَفَرَةِ يَكُونُونَ عَلى نارٍ، ويَجُوزُ هَذا مِمّا كُلُّهُ واقِعٌ تَحْتَ قُدْرَةِ اللهِ تَعالى. وأكْثَرُ المُفَسِّرِينَ عَلى أنَّ التَبْدِيلَ يَكُونُ بِأرْضٍ بَيْضاءَ عَفْراءَ لَمْ يُعْصَ اللهُ فِيها، ولا سُفِكَ فِيها دَمٌ، ولَيْسَ فِيها مَعْلَمٌ لِأحَدٍ. ورُوِيَ فِيها عَنِ النَبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: « "المُؤْمِنُونَ وقْتَ التَبْدِيلِ في ظِلِّ العَرْشِ"»، ورُوِيَ عنهُ أنَّهُ قالَ: « "الناسُ وقْتَ التَبْدِيلِ عَلى الصِراطِ"،» وعنهُ أنَّهُ قالَ: « "الناسُ حِينَئِذٍ أضْيافُ اللهِ فَلا يُعْجِزُهم ما لَدَيْهِ". » و"بَرَزُوا" مَأْخُوذٌ مِنَ البِرازِ، أيْ: ظَهَرُوا بَيْنَ يَدَيْهِ لا يُوارِيهِمْ بِناءٌ ولا حِصْنٌ. وقَوْلُهُ: ﴿الواحِدِ القَهّارِ﴾ صِفَتانِ لائِقَتانِ بِذِكْرِ هَذِهِ الحالِ.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]