موقع شاهد فور

اسم الله العليم نبيل العوضي

July 1, 2024

وختم فضيلته الحلقة بالتنبيه على أن العلماء قالوا أن العلوم تتفاضل بتفاضل موضوعاتها، وإذا كانت العلوم تتفاضل وشرفها يتفاوت بشرف موضوعها، وكان هذا العلم علم الإلهيات موضوعه أشرف الموجودات فهذا العلم هو أشرف العلوم ويجب على الإنسان أن يأخذ منه بحظ قليل أو كثير، وهو ما يسمى بعلم أصول الدين، حتى أنه يقدمونه على علم أصول الفقه، لأن أصول الفقه تتعلق بالأحكام الفرعية كأحكام الوضوء والصلاة والزكاة وغيرها، أما أصول الدين تتعلق بأصول المسائل الفرعية وليس بالمسائل الفرعية.

  1. اسم الله تعالى (العليم)

اسم الله تعالى (العليم)

ومصداق هذا في القرآن: قصة موسى عليه السلام مع فرعون، فموسى عليه السلام رجل واحد, يقف أمام هذا الجبار العنيد الفاجر الذي كان يقول: أنا ربكم الأعلى, يقف أمامه يناظره, ويحاججه ويرد عليه كلمة بكلمة في أدب جم, وخلق عالٍ مع إقرار لتوحيد الله رب العالمين, لماذا؟ لأنه يعلم أن الله عز وجل معه, وهو العزيز الذي لا يغلب، قال تعالى: إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46], فلما أظهر موسى عليه السلام ضعفه أمام رب العالمين قال الله عز وجل: قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46]. وكذلك نبي الله يوسف عليه السلام, يتآمر عليه إخوانه وتتآمر عليه امرأة العزيز, ثم يتآمر عليه النسوة اللائي قطعن أيديهن, وهو في هذا كله ثابت كالطود الشامخ؛ لأنه مؤمن بهذا الرب العزيز. وكذلك قصة عيسى عليه السلام مع اليهود, فقد تآمروا عليه ومكروا به, لكنه عليه الصلاة والسلام ما قصر في دعوته إلى أن رفعه الله إليه قال تعالى: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [النساء:157-158].

والثانية: علمه بالشيء وهو في اللوح المحفوظ بعد كتابته وقبل إنفاذ أمره ومشيئته؛ فالله -عزَّ وجلَّ -كتب مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقهم بخمسين ألف سنة, يقول الله -جلَّ وعلا-: ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)[الحج:70]، وقال -تعالى- ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)[الحديد:22]. والثالثة: علمه بالشيء حال كونه وتنفيذه, ووقت خلقه وتصنيعه؛ يقول الله -تعالى-: ( اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَار*عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ)[الرعد:9-8]، وقال -تعالى-: ( يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ)[سبأ:2]. والرابعة: علمه بالشيء بعد كونه وتخليقه, وإحاطته بالفعل بعد كسبه وتحقيقه؛ فالله -عزَّ وجلَّ- يعلم ما سيفعل المخلوق بعد خلقه، ويعلم تفاصيل أفعاله وخواطره وحديث نفسه، يقول -تعالى-: ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)[التوبة:78].

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]