موقع شاهد فور

ملا عطية الجمري

June 26, 2024

ليس ضرباً من المبالغة القول، إن الملا عطية الجمري هو قيثارة النعي الحسيني الأول في البحرين وعلى امتداد الخليج العربي؛ فما زال شعر أبي يوسف كما يحلو لمحبيه تلقيبه سيالٌ لا يستغنى عنه فوق المنابر الحسينية التي تبلغ أوجها في ذكرى عاشوراء الإمام الحسين (ع). قصائدٌ نبطية أبدعت في تصوير مشاهد واقعة الطف الأليمة، وزادها ألقاً بساطة التعابير وحجم العاطفة الدفاق الذي سقاها أبا يوسف قصائده؛ فصارت ركناً أساسياً لابد من استحضاره وإعادة ترديده عند الخطيب والمستمع البحريني في جملة من المواقف والحوارات الكربلائية. وعلى نحو المثال، إذا استحضر المعزون مواقف العباس بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) عند بروزه للقتال وهي الذكرى التي يخصص لها البحرينيون وأهل الخليج ليلة ويوم السابع من المحرم للحديث عنها بشكل مسهب، تمثُل أبيات الملا عطية الشعرية في محاكاة بطولة العباس، وحواراته مع أخيه الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، وحنوه على أخته زينب (ع)، ترنيمةً خالدةً في وجدان الخطيب والمستمع، فما ينبري الخطيب للإتيان بالشطر الأول من البيت حتى يعاجله الستمعون بإكمال الشطر الآخر منه، وهو ما يمثل دليلاً حسياً قاطعاً على خلود هذه القصائد في أذهان وقلوب المعزين قبل أي شييء آخر.

المرحوم ملا يوسف ملا عطية الجمري | سادس محرم 1406هـ ـ المشرف - Youtube

وقد أثنى الملا عطية كثيراً على الناصري، وقال في مذكراته: «هيأ الله سبحانه لي إخواناً صادقين وأبناء بارين يتعاونون على البر والتقوى، في طليعتهم الولد العزيز الشاب المؤمن جم الآداب الخطيب محمد علي الناصري، فقد أسندت إليه وثوقاً بذوقه الفني وتعاونه الصادق مهمة جمع الديوان من الأوراق والدفاتر فقام بالمهمة مشكوراً على أكمل وجه». واستعمل الملا عطية الجمري، ألواناً متعددة من الشعر، حصرها معدا ديوان الجمرات في 7 أنواع أذكر بعضها في مايلي مع شيء من شعره - رحمه الله - الأول هو الوزن الفائزي نسبة للمؤسس الخطيب ابن فايز وهو تنغيم الشعر وإضفاء الحزن على طريقة إلقائه وجر الونة في آخره وهو ما صار يعرف لاحقاً بالطريقة البحرانية. كالذي فاضت به قريحة الملا عطية راثياً رسول الله (ص)، حيث كتب: اسم الله على طولك يا جمال الهاشمية على المغتسل ممدود يا خير البرية يا مرتضى اكشف لي عن الوالي وجماله وشيل الكفن عن غرته تودعه أشباله اللون الثاني الوزن الطويل، و»هو بحر طويل يوازن فاعلات (أربع مرات) تعاطاه أهل البحرين قبل عشرات السنين»، ومن نماذجه ما سطره في تصوير خطاب زوجة حبيب بن مظاهر الأسدي لزوجها تستنهضه لنصرة الحسين(ع).

المـــــلا عطيـــة الجمــري - صحيفة الأيام البحرينية

ندبة أم البنين | الرادود علي حمادي | الملا عطية الجمري | اصدار شكوى - YouTube

ندبة أم البنين | الرادود علي حمادي | الملا عطية الجمري | اصدار شكوى - Youtube

حينها دعا الحاج أحمد الملا عطية للقراءة في مأتم بن خميس، وبدأ الناس يعرفون نهجاً آخر للقراءة الحسينية. توفي الملا عطية مساء يوم الجمعة ليلة السبت المصادف 29 شوال1401هـ - الموافق 29 أغسطس 1981م بمدينة بومبي في الهند، وقد وصل جثمانه الطاهر إلى البحرين ظهر يوم الاثنين الأول من ذي القعدة 1401هـ - الموافق 31 أغسطس1981 م.

وقد نظم مجموعة قطع من الشعر الرثائي الشعبي، إلا أن ما حققه والده المقدس رضوان الله عليه في هذا المجال من ملء الفراغ والتفوق والتفرد جعله لا يستمر في الشعر، بل ولا يهتم بحفظه وجمعه، رغم أنه من الشعر الجيد.

خطيب بارع مفوه، تأريخي، قوي الحافظة والذاكرة، سريع الجواب. ولد ليلة النصف من شعبان سنة 1336هـ (1918 م)، وكانت ولادته في العراق، محافظة البصرة، ناحية القطعة، حيث كان والده المرحوم في الهجرة آنذاك، الهجرة التي امتدت إلى 13 سنة، وحينما عاد والده إلى البحرين كان المترجم قد أكمل سنتين تقريبا، فكانت نشأته وتربيته في بلد الأهل بني جمرة. تلقى الخطابة على يد والده الذي أتقن تربيته الخطابية وغيرها، فاستقل بنفسه وكان عمره آنذاك 18 سنة. وقد قرأ على المرحوم الشيخ محسن الشيخ عبدالله العرب الجمري: النحو - «الأجرومية» و«قطْر الندى». وكان في خطابه متميزا بكثرة محفوظاته، وقوة وجمال صوته، وكثرة ابتكاراته الفكرية، وكثرة استحضاره لأحاديث المعصومين (ع) بحيث أن بوسعه أن يلقي موضوعا كاملا بجميع أطرافه روائيا، حيث ينتقل من حديث إلى حديث دون أن يدخل تعليقا من عنده. وقد اقترحت عليه أكثر من مرة أن يدون ولو بعض مواضيعه المتميزة التي لم يسبق لي صياغتها إلا أنه لم يفعل. ومن ناحية العشرة والمجالسة فهو حسن فيهما، ويحفظ له أصدقاؤه وعارفوه ومجالسوه أخلاقياته ومجاملاته التي تجعل جليسه لا يمل مجالسته. وهو معروف لدى عارفيه بكثرة تحمله لخشونة الحياة، ومعاناته لتطورات الظروف وتقلبها.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]