الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد بحث الشيخ الأمين الشنقيطي في دفع ايهام الاضطراب مسألة التعارض بين قوله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ {المائدة:5} وبين الايات التي تحرم ما ذكر عليه اسم غير الله؛ كقوله تعالى: وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ {البقرة:173} وما لم يذكر عليه اسم الله، كقوله: وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ {الأنعام:121} ورجح التحريم فيما ذكر عليه اسم غير الله، والإباحة فيما لم يذكر عليه اسم الله. فقال رحمه الله تعالى: قوله تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} الآية، هذه الآية الكريمة تدل بعمومها على إباحة ذبائح أهل الكتاب مطلقا ولو سموا عليها غير الله أو سكتوا ولم يسموا الله ولا غيره لأن الكل داخل في طعامهم. وقد قال ابن عباس وأبو أمامة ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وعطاء والحسن ومكحول وإبراهيم النخعي والسدي ومقاتل بن حيان: أن المراد بطعامهم ذبائحهم كما نقله عنهم ابن كثير ونقله البخاري عن ابن عباس، ودخول ذبائحهم في طعامهم أجمع عليه المسلمون مع أنه جاءت آيات أخر تدل على أن ما سمي عليه غير الله لا يجوز أكله، وعلى أن ما لم يذكر اسم الله عليه لا يجوز أكله أيضا، أما التي دلت على منع أكل ما ذكر عليه اسم غير الله فكقوله تعالى: {وما أهل به لغير الله} في سورة البقرة وقوله: {وما أهل لغير الله به} في المائدة والنحل وقوله في الأنعام: {أو فسقا أهل لغير الله به} والمراد بالإهلال رفع الصوت باسم غير الله عند الذبح.
{ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} يعني بقوله جلّ ثناؤه: { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ}: لا تأكلوا أيها المؤمنون مما مات فلم تذبحوه أنتم أو يذبحه موحد يدين لله بشرائع شرعها له في كتاب منزّل فإنه حرام عليكم، ولا ما أهلّ به لغير الله مما ذبحه المشركون لأوثانهم، فإن أكْلَ ذلك فسق، يعني: معصية كفر. فكنى بقوله: «وإنه» عن «الأكل»، وإنما ذكر الفعل، كما قال: { الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيماناً} يراد به: فزاد قولهم ذلك إيماناً، فكنى عن القول، وإنما جرى ذكره بفعل. { وَإنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إلى أوْلِيائهِمْ}: اختلف أهل التأويل في المعنّي بقوله: { وَإنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إلى أوْليائهمْ} فقال بعضهم: عنى بذلك: شياطين فارس ومن على دينهم من المجوس { إلى أوْلِيَائِهِمْ} من مَرَدِةِ مشركي قريش، يوحون إليهم زخرف القول، ليصل إلى نبيّ الله وأصحابه في أكل الميتة.
الحمد لله. أولا: التسمية شرط لحل الذبيحة ، لا تسقط سهوا ولا جهلا ، على الراجح من أقوال أهل العلم ، وانظر السؤال رقم: ( 85669) ثانيا: تحل ذبيحة الكتابي (اليهودي والنصراني) بشرطين: الأول: أن يذبح الذبيحة كما يذبحها المسلم ، فيقطع الحلقوم والمريء ، وينهر الدم ، فإن كان يقتلها بالخنق أو الصعق الكهربائي أو الإغراق في الماء ، فلا تحل ذبيحته ، وكذلك المسلم لو فعل ذلك ، لم تحل ذبيحته. الجمع بين آية وطعام الذين أوتوا الكتاب وآية ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه - إسلام ويب - مركز الفتوى. الثاني: ألا يذكر عليها اسم غير الله تعالى ، كاسم المسيح أو غيره ؛ لقوله تعالى: ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) الأنعام/121 ، وقوله في المحرمات: ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) البقرة/173. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والمراد به هنا ما ذكر عليه اسم غير الله عند ذبحه ، مثل أن يقول: " باسم المسيح " ، أو " باسم محمد " ، أو " باسم جبريل " ، أو " باسم اللات " ، ونحو ذلك " انتهى من تفسير سورة البقرة. ويدخل في التحريم: ما ذبحوه تقربا للمسيح أو للزهرة ، ولو لم يذكروا عليه اسم غير الله ، فهذا محرم أيضا. قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وأما ما ذبحه أهل الكتاب لأعيادهم وما يتقربون بذبحه إلى غير الله نظير ما يذبح المسلمون هداياهم وضحاياهم متقربين بها إلى الله تعالى ، وذلك مثل ما يذبحون للمسيح والزهرة ، فعن أحمد فيها روايتان أشهرهما في نصوصه أنه لا يباح أكله وإن لم يسم عليه غير الله تعالى ، ونقل النهي عن ذلك عن عائشة وعبد الله بن عمر... " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/251).
ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن سماك، عن عكرمة، قال: كان مما أوحى الشياطين إلى أوليائهم من الإنس: كيف تعبدون شيئاً لا تأكلون مما قتل، وتأكلون أنتم ما قتلتم؟ فرُوي الحديث حتى بلغ النبيّ صلى الله عليه وسلم، فنزلت: { وَلا تأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ}. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس، قوله: { وَإنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إلى أوْلِيائهِمْ} قال: إبليس الذي يوحي إلى مشركي قريش. 1 2 3 4 5 6
والمختار القول الأول؛ لسلامة أدلته وصحتها، ولضعف أدلة الآخرين؛ فإنه لا يصح منها حديث. وحَمْلُ الآية على ما أُهِلَّ به لغير الله تخصيص بلا مخصص، ولا يمتنع إطلاق اسم الفاسق على تارك ما فرضه الله، على أنه لا يتعين أن تكون (الواو) في قوله: ﴿ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ حالية؛ لأنه منتقَض بقوله: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ ﴾، فإنها عاطفة لا محالة، فلو كانت الأولى حالية امتنع عطف هذه عليها، وإن عطفت على الطلبية ورد عليها الاعتراض نفسه. ولو قلنا: إن (الواو) في قوله: ﴿ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ للاستئناف، انْدَفَع الاعتراض. والضمير في قوله: ﴿ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ راجعٌ إلى الأكل المدلول عليه تضمُّنًا بقوله: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا ﴾، وقيل: راجع إلى (ما)، وأصل الفِسق الخروج، ويستعمل في الترك لأمر الله والعصيان والخروج عن الحق، والمراد بـ(الفِسق) هنا المعصية، وقيل: الكفر، و(الشياطين) جمع شيطان، مأخوذ من شَطَن بمعنى بَعُد، قال الشاعر: نَأَتْ بسعادَ عنك نَوًى شَطُونُ *** فَبَانَتْ والفؤادُ بها رَهينُ ويُطلق على المتمرِّد من الإنس والجن والدواب، ويُسمى: شيطانًا؛ لأنه بَعُد عن خِلال الخير والبر. والمراد بالشياطين هنا: بعض أهل فارس الذين كتبوا للمشركين يُزخرفون لهم الميتة، ويقولون: إن الله ذبحها بشمشمار؛ أي سكين من ذهب، وقيل: إبليس وجنوده، والمراد بـ(الأولياء) - على القولين - مشركو قريش.
تفسير قوله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ تفسير الآية الكريمة: ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) إنّ المخلوقات الروحانية بأجمعها لا تراها البشر ولا غيرهم من الماديين إلاّ إذا هم أرادوا أن يرُونا أنفسهم فحينئذٍ نراهم. أمّا النفوس فلا نراها ولا يمكنها أن ترينا أنفسها إلاّ في المنام فقط ، والمخلوقات الروحانية يرى بعضها بعضاً. قال الله تعالى في سورة التوبة { ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا... الخ} فالجنود يريد بِها الملائكة. وقال تعالى في سورة الأحزاب { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا... الخ}.
الأربعاء, 27 أبريل 2022 القائمة بحث عن الرئيسية محليات أخبار دولية أخبار عربية و عالمية الرياضة تقنية كُتاب البوابة المزيد شوارد الفكر صوتك وصل حوارات لقاءات تحقيقات كاريكاتير إنفوجرافيك الوضع المظلم تسجيل الدخول الرئيسية / قصص استجابة الدعاء المستحيل الموسوعة mohamed Ebrahim 01/06/2020 0 162 تعرف على قصص استجابة الدعاء المستحيل قصص استجابة الدعاء المستحيل جميعنا يضع الله في قلبه عند تمني شيء معين مستحيل رغم أن الله لا يكلف نفساً…