وأما ما يؤثر عن النبوة الأولى: فهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: ما شهد شرعنا بصحته، فهو صحيح مقبول. الثاني: ما شهد شرعنا ببطلانه، فهو باطل مردود. الثالث: ما لم يرد شرعنا بتأييده ولا تفنيده، فهذا يتوقف فيه، وهذا هو العدل. ولكن مع ذلك لا بأس أن يتحدث به الإنسان في المواعظ وشبهها إذا لم يخشَ أن يفهم المخاطَب أنه صحيح.
إِذا لَم تَستَحْيِ " يحتمل معنيين: المعنى الأول: إذا لم تكن ذا حياء صنعت ما تشاء، فيكون الأمر هنا بمعنى الخبر، لأنه لا حياء عنده، يفعل الذي يخل بالمروءة والذي لا يخل. الثاني: إذا كان الفعل لا يُستَحَيى منه فاصنعه ولا تبالِ. فالأول عائد على الفاعل، والثاني عائد على الفعل. والمعنى: لا تترك شيئاً إذا كان لا يُستَحيى منه. " فاصنَع مَا شِئت " أي افعل، والأمر هنا للإباحة على المعنى الثاني، أي إذا كان الفعل مما لا يستحيى منه فلا حرج. وهي للذم على المعنى الأول، أي أنك إذا لم يكن فيك حياء صنعت ما شئت. من فوائد هذا الحديث: 1- أن الآثار عن الأمم السابقة قد تبقى إلى هذه الأمة، لقوله: إِنَّ مِمَا أَدرَكَ الناسُ مِن كَلاَمِ النُّبوَةِ الأُولَى وهذا هو الواقع. حديث. وما سبق عن الأمم السابقة إما أن ينقل عن طريق الوحي في القرآن، أو في السنة، أو يكون مما تناقله الناس. فأما في القرآن ففي قوله عزّ وجل: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * والْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾ ( الأعلى: 16-19)، وما جاءت به السنة فكثير، كثيراً ما يذكر النبي ﷺ عن بني إسرائيل ما يذكر.
النوع الأول: فإن بعض الناس يهبه الله عزّ وجل حياءً، فتجده حيياً من حين الصغر، لا يتكلم إلا عند الضرورة، ولا يفعل شيئاً إلا عند الضرورة، لأنه حيي. الثاني: مكتسب يتمرن عليه الإنسان، بمعنى أن يكون الإنسان غير حيي ويكون فرهاً باللسان، وفرهاً بالأفعال بالجوارح، فيصحب أناساً أهل حياء وخير فيكتسب منهم، والأول أفضل وهو الحياء الغريزي. اعلم أن الحياء خلق محمود إلا إذا منع مما يجب، أو أوقع فيما يحرم، فإذا منع مما يجب فإنه مذموم كما لو منعه الحياء من أن ينكر المنكر مع وجوبه، فهذا حياء مذموم، أنكر المنكر ولا تبالِ، ولكن بشرط أن يكون ذلك واجباً وعلى حسب المراتب والشروط، وحياء ممدوح وهو الذي لا يوقع صاحبه في ترك واجب ولا في فعل محرم. 4 - أن من خلق الإنسان الذي لا يستحيي أن يفعل ما شاء ولا يبالي، ولذلك تجد الناس إذا فعل هذا الرجل ما يستحيى منه يتحدثون فيه ويقولون: فلان لا يستحيي فعل كذا وفعل كذا وفعل كذا. 5 - ومن فوائد الحديث على المعنى الثاني: أن ما لا يستحيى منه فالإنسان حل في فعله لقوله: إذَا لَم تَستَحْيِ فَاصنَع مَا شِئت. 6 - فيه الرد على الجبرية، لإثبات المشيئة للعبد. ص26 - كتاب شرح الأربعين النووية عبد الكريم الخضير - شرح الأربعين النووية - المكتبة الشاملة. والله الموفق. الحمد لله رب العالمين ( 1) أخرجه البخاري كتاب: الأدب، باب: إذا لم تستح فاصنع ما شئت، ( 6120) ( 2) انظر الروايات في ذلك في الدر المنثور للسيوطي ( 7/155-163) ( 3) سبق تخريجه صفحة ( 162) اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
وقالَ: إنْ كُنْتَ لا بُدَّ فَاعِلًا، فَاصْنَعِ الشَّجَرَ وَما لا نَفْسَ له، فأقَرَّ به نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ.
اذا لم تستحي فأصنع ما شئت........ - YouTube
[٦] معاني المفرادات في آية اليوم أكملت لكم دينكم بالشرح التفصيلي وبعد أن تمَّ الوقوف على معنى قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [٧] من حيث أقوال أهل العلم والتَّفسير، لا بدَّ من تفصيلها من حيث المعنى اللغوي حسب معجم المعاني في اللغة العربية ، وسيكون ذلك فيما يأتي: أكملتُ: الإكمال في اللغة العربية لا يكون إلا بالتَّمام، يُقال فلانٌ أكملَ قراءته؛ أي: أتمَّها وأنجزها كاملةً، وأكملتُ يعني أتممتُ. [٨] دينكم: وأمَّا الدِّينُ فهو الاسم المفرد من الجمع أديان، وهو اسمٌ لجميع ما يُعبد به الله سبحانه، وأمَّا الأديان السماوية فهي الإسلام والمسيحيَّة واليهودية. [٩] أتممتُ: وأمَّا الإتمام فهو مرادف الإكمال، وأتمَّ العمل إذا أنجزه كاملًا وأكمله وأنهاه. اليوم اكملت لكم دينكم واتممت. [١٠] نعمتي: والنِّعمةُ هي ما يُنعَمُ به على المرء، وورد في ذلك عن ابن عباس أنَّ النعمة الظاهرة هي الدين الإسلامي، وأمَّا الباطنة فهي ستر المعاصي والذنوب. [١١] رضيتُ: والأصل منها رضيَ، ويُقال رضي أي اختارَ وقبلَ، والرضا هو عكس السخط والغضب، ورضي له ذلك الأمر أي رآه أهلًا له.
4 - أنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قالَ له: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا. قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: { اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] قالَ عُمَرُ: قدْ عَرَفْنَا ذلكَ اليَومَ ، والمَكانَ الذي نَزَلَتْ فيه علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو قَائِمٌ بعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ.
مصنف ابن أبي شيبة 37343 قلتُ (أيمن): فإياك إياك أن تكون ممن يغير دينه، ويبدل عقيدته؛ لأجل المصلحة المزعومة أو فقه الواقع أو.... أو..... واعلم أنه حيثما كان شرع الله فثم المصلحة ، وليس العكس (حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله) ولا يَغُرَنَّكَ كثرةُ الهالِكِينَ؛ فإنَّ للباطِلِ جولةً ثم يتَلاشَى....... بقلم: أبي سلمان أيمن بن عبد العزيز