موقع شاهد فور

فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون

June 28, 2024

( فوربك لنسألنهم أجمعين ( 92) عما كانوا يعملون ( 93)) ( فوربك لنسألنهم أجمعين) يوم القيامة. ( عما كانوا يعملون) في الدنيا ، قال محمد بن إسماعيل قال عدة من أهل العلم: عن قوله " لا إله إلا الله ". فوربك لنسألنهم أجمعين. فإن قيل: كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى: ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) ( الرحمن - 39). قال ابن عباس: لا يسألهم هل عملتم ، لأنه أعلم بهم منهم ، ولكن يقول: لم عملتم كذا وكذا؟ واعتمده قطرب فقال: السؤال ضربان ، سؤال استعلام ، وسؤال توبيخ ، فقوله تعالى: ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) ( الرحمن - 39) [ ص: 395] يعني: استعلاما. وقوله: " لنسألنهم أجمعين " يعني توبيخا وتقريعا. وقال عكرمة عن ابن عباس في الآيتين: إن يوم القيامة يوم طويل فيه مواقف ، يسألون في بعض المواقف ولا يسألون في بعضها. نظيره قوله تعالى: ( هذا يوم لا ينطقون) ( المرسلات - 35) ، وقال في آية أخرى: ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) ( الزمر - 31).

  1. فوربك لنسألنهم أجمعين
  2. فوربك لنسألنهم اجمعين

فوربك لنسألنهم أجمعين

أيها المؤمنون -عباد الله-: وكل صاحب ولاية عامة، أو خاصة يُسأل عنها يوم القيامة؛ ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". أيها المؤمنون -عباد الله-: ومما يسأل عنه العبد يوم القيامة: هذا النعيم الذي منَّ الله عليه به في هذه الحياة من مسكنٍ، أو مركبٍ، أو مطعمٍ، أو مشربٍ، أو ملبس، وقد جاء في الحديث عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ -رضي الله عنه- لَمَّا نَزَلَ قول الله -تعالى-: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾[التكاثر: 8] قَالَ قلت: "يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيُّ النَّعِيمِ نُسْأَلُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا هُمَا الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالمَاءُ؟" قَالَ: "أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ" [رواه الترمذي].

فوربك لنسألنهم اجمعين

وأن الكافر يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ نَبِيُّك؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ: أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ. أيها المؤمنون -عباد الله-: وإن أعظم المسألة وأعظم ما يُسأل الناس يوم القيامة: سؤالان عظيمان لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يسأل عنهما: الأول: عن "ماذا كنت تعبد؟". والثاني: "ماذا أجبتم المرسلين". وجواب الأول: تحقيق "لا إله إلا الله" علمًا وعملًا وإخلاصا. وجواب الثاني: تحقيق "شهادة أن محمدًا رسول الله" معرفةً وعملًا وطاعة. أيها المؤمنون -عباد الله-: وإن مما يُسأل العبد عنه يوم القيامة: كتاب الله -جل وعلا-؛ كما قال الله -تعالى-: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾[الزخرف: 44]. أي عن هذا القرآن؛ هل عملتم به فيكون حجة لكم؟ أم فرطتم فيكون حجة عليكم، وذلك أن القرآن إنما أُنزل ليُعمل به. أيها المؤمنون -عباد الله-: وأعظم الأعمال وأجلّها، هي أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة؛ ففي الطبراني عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَوَّلَ مَا يسأَلُ عَنْهُ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَلَاتُهُ؛ فيُنْظَرُ فِيهَا، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ".

أيها المؤمنون -عباد الله-: اعلموا -رعاكم الله-: أنكم ستقفون يومًا بين يدي الله، وأنه سبحانه سائلكم عمَّا قدَّمتكم في هذه الحياة؛ فأعدُّوا للمسألة جوابا، وليكن الجواب صوابا، قال الله -تعالى-: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الحجر: 92-93]. وقال الله -تعالى-: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾[النحل: 93]. وقال الله -تعالى-: ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ﴾[الأعراف: 6]. وقال الله -تعالى-: ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾[الأنبياء: 23]. والآيات في هذا المعنى -معاشر المؤمنين- كثيرة. عباد الله: وأول ما تكون المسألة عندما يُدرج المرء في قبره؛ ففي المسند عن البراء -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر أن الميت إذا كان مؤمنا يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]