موقع شاهد فور

وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة

June 26, 2024

وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا. الاستدلال هذا بما في الليل والنهار من اختلاف الحال بين ظلمة ونور ، وبرد [ ص: 65] وحر ، مما يكون بعضه أليق ببعض الناس من بعض ببعض آخر ، وهذا مخالف للاستدلال الذي في قوله: ( وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا) ، فهذه دلالة أخرى والحكم في المخلوقات كثيرة. والقصر هنا قصر حقيقي وليس إضافيا فلذلك لا يراد به الرد على المشركين بخلاف صيغ القصر السابقة من قوله: ( وهو الذي جعل لكم الليل لباسا) إلى قوله: ( وكان ربك قديرا). والخلفة بكسر الخاء وسكون اللام: اسم لما يخلف غيره في بعض ما يصلح له. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الفرقان - القول في تأويل قوله تعالى " وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا "- الجزء رقم19. صيغ هذا الاسم على زنة فعلة ؛ لأنه في الأصل ذو خلفة ، أي: صاحب حالة خلف فيها غيره ثم شاع استعماله فصار اسما ، قال زهير: بها العين والآرام يمشين خلـفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم أي: يمشي سرب ويخلفه سرب آخر ثم يتعاقب هكذا. فالمعنى: جعل الليل خلفة والنهار خلفة: أي: كل واحد منهما خلفة عن الآخر ، أي: فيما يعمل فيها من التدبر في أدلة العقيدة والتعبد والتذكر. واللام في ( لمن أراد أن يذكر) لام التعليل وهي متعلقة بـ ( جعل) ، فأفاد ذلك أن هذا الجعل نافع من أراد أن يذكر أو أراد شكورا.

  1. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الفرقان - القول في تأويل قوله تعالى " وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا "- الجزء رقم19

إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الفرقان - القول في تأويل قوله تعالى " وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا "- الجزء رقم19

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) ثم قال: ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة) أي: يخلف كل واحد منهما الآخر ، يتعاقبان لا يفتران. إذا ذهب هذا جاء هذا ، وإذا جاء هذا ذهب ذاك ، كما قال: ( وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار) [ إبراهيم: 33] ، وقال ( يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره) [ الأعراف: 54] وقال: ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون) [ يس: 40]. وقوله: ( لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا) أي: جعلهما يتعاقبان ، توقيتا لعبادة عباده له ، فمن فاته عمل في الليل استدركه في النهار ، ومن فاته عمل في النهار استدركه في الليل. وقد جاء في الحديث الصحيح: " إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ". قال أبو داود الطيالسي: حدثنا أبو حرة عن الحسن: أن عمر بن الخطاب أطال صلاة الضحى ، فقيل له: صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه؟ فقال: إنه بقي علي من وردي شيء ، فأحببت أن أتمه - أو قال: أقضيه - وتلا هذه الآية: ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا]).

وقد يحتمل أن زُهَيرا أراد بقوله: خلفة: مختلفات الألوان, وأنها ضروب في ألوانها وهيئاتها. ويحتمل أن يكون أراد أنها تذهب في مشيها كذا, وتجيء كذا. وقوله ( لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ) يقول تعالى ذكره: جعل الليل والنهار, وخلوف كل واحد منهما الآخر حجة وآية لمن أراد أن يذكَّر أمر الله, فينيب إلى الحق ( أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) أو أراد شكر نعمة الله التي أنعمها عليه في اختلاف الليل والنهار. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) قال: شكر نعمة ربه عليه فيهما. حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قوله: ( لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ) ذاك آية له ( أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) قال: شكر نعمة ربه عليه فيهما. واختلف القرّاء في قراءة قوله: ( يَذَّكَّرَ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: ( يَذَّكَّرَ) مشددة, بمعنى يتذكر. وقرأه عامة قرّاء الكوفيين: " يَذْكُرَ" مخففة، وقد يكون التشديد والتخفيف في مثل هذا بمعنى واحد.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]