موقع شاهد فور

حديث شقّ الصدر ودعوَى مخالفة العقل! | مركز سلف للبحوث والدراسات

June 28, 2024

تاريخ النشر: الخميس 24 محرم 1440 هـ - 4-10-2018 م التقييم: رقم الفتوى: 384517 26596 0 79 السؤال ما الحكمة من حادثة شق صدر النبي -صلى الله عليه وسلم- في طفولته؟ ولماذا لم يحدث هذا التطهير معنويا من غير شق؟ الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد: فالحكمة في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم في طفولته ظاهرةٌ، بينها الحديث الوارد في القصة، وهي استخراج العلقة التي كانت في صدره الشريف، وتطهيره من حظ الشيطان فيه.

شق صدر النبي ليلة الإسراء والمعراج – السيرة النبوية – قصة مكة| قصة الإسلام

قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط ( [8]) في صدره ( [9]). معنى الحديث وتوجيهه عند العلماء: هذا الحديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد الأحاديث الصحيحة المتواردة المثبتة لقصة شقّ صدره صلى الله عليه وسلم، والذي تكرر له أكثر من مرة، وقد عدَّه العلماء من علامات النبوة ( [10]). حيث وقع له ذلك في صغره وهو مسترضع في بني سعد عند حليمةَ السعديةِ، ففي أثناء لعبه مع الغلمان جاءه جبريل عليه السلام، فأخذه ووضعه على الأرض، فشقَّ صدره، واستخرج قلبه، ليستخرج منه علقةً -قطعة دم-، وهذه العلقة المنتزعة عنه هي القابلة للوسواس والمحركة للشهوات، فأزيل ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، وبذلك أعين على شيطانه حتى سلم منه ( [11]) ، ثم قام جبريل -عليه السلام- بغسل قلبه بماء زمزم في طست مصنوع من ذهب، ثم ضمه وجمعه، ثم أعاده إلى مكانه، وبقي أثر شق الصدر والتِئامِه ظاهرًا في صدره صلى الله عليه وسلم، كما أخبر أنس بذلك.

وقدَّر الله أن يلتقي رسول - صلى الله عليه وسلم - بستة نفرٍ من شباب يثرب في موسم الحج من السنة الحادية عشرة من النبوَّة، وهم من الخزرج، ومن بينهم: أسعد بن زرارة، وعقبة بن عامر، وجابر بن عبدالله، فعرَض عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإسلام؛ فأسلَموا ورجعوا إلى أهلهم بهذه الدعوة.

تأملات في حادثتي شق صدر النبي | مصراوى

فما هو إلاّ أن استيقظ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأخوه من الرّضاعة فخرجا من الخباء خلف أغنامهما، لم يتذكّر أحدٌ منهما أنّهما من غير زاد ، وتفصيل ذلك في الرّواية الآتي ذكرها: روى الإمام أحمد [4] عن عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: كَيْفَ كَانَ أَوَّلُ شَأْنِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: (( كَانَتْ حَاضِنَتِي مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنٌ لَهَا فِي بَهْمٍ لَنَا ، وَلَمْ نَأْخُذْ مَعَنَا زَادًا ، فَقُلْتُ: - يَا أَخِي! تأملات في حادثتي شق صدر النبي | مصراوى. ا ذْهَبْ فَأْتِنَا بِزَادٍ مِنْ عِنْدِ أُمِّنَ ا. فَانْطَلَقَ أَخِي ، وَمَكَثْتُ عِنْدَ الْبَهْمِ ، فَأَقْبَلَ رَجُلاَنِ أَبْيَضَانِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: - أَهُوَ هُوَ ؟ - قَالَ: نَعَمْ! فَأَقْبَلَا يَبْتَدِرَانِي ، فَأَخَذَانِي ، فَبَطَحَانِي إِلَى الْقَفَا ، فَشَقَّا بَطْنِي ، ثُمَّ اسْتَخْرَجَا قَلْبِي ، فَشَقَّاهُ ، فَأَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَةً سَوْدَاءَ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: - ائْتِنِي بِمَاءِ ثَلْجٍ. فَغَسَلَا بِهِ جَوْفِي وقَلْبِي.

وأورد مسلمٌ أيضاً في صحيحه عن أنس بن مالك قال: كان أبو ذر يُحدِّثُ أنَّ رسولَ الله (ص) قال: فُرِجَ سقفُ بيتي وأنا بمكة فنزلَ جبريلُ (ع) ففرَج صدري ثم غسلَه من ماء زمزم ثم جاء بطستٍ من ذهب ممتلئ حكمةً وإيماناً فأفرغها في صدري ثم أطبَقه ثم أخذ بيدي فعرجَ بي إلى السماء.. "(2). والذي يردُ على هذه الروايات أنَّها تفترِضُ وجود علاقة سببيَّةٍ تكوينيَّةٍ بين بعض الأجزاء في جسد الإنسان وبين الشرور بحيثُ يكونُ إستئصال هذا الجزء مُفضياً لإنتفاء صدورِ الشرورِ من الإنسان. كما أنَّ بعض هذه الروايات أفاد أنَّ الحكمة والإيمان والتي هي من الشؤونات المعنويَّة قد تمَّ إفراغُها في إناءٍ مادِّي مصنوعٍ من الذهب، وقد كان ممتلئًا بهما ثم إنَّ هذا الإناء قد تمَّ إفراغُ ما فيه من حكمةٍ وإيمانٍ في قلبِ النبيِّ الكريم (ص) بعد شقِّه. وهذا المعنى لا يُمكن تعقُّله دون تأويل وهو ما يأباه ظاهرُ ألفاظِ هذه الأحاديث. فأنسُ بنُ مالك -الذي كان خادماً للنبيِّ (ص) في المدينة- يقولُ إنَّه كان يرى أثرَ المخيطِ في صدر رسولِ الله (ص) أي أنَّه كان يرى موضعَ الجراحة التي أُجريت للرسولِ (ص) فكان موضعُ إلتئامِ الجُرح في صدرِ رسول الله (ص) بيِّناً بحيثُ إنَّ أنسَ بنَ مالك كان يراهُ بعد عقدٍ أو أكثرَ من الزمن على وقوعِ حادثةِ شقِّ الصدر، وهذا المعنى لا يَحتمِلُ التأويل.

أحداث من سيرته صلى الله عليه وسلم (1)

فظاهرُ هذه الروايات لا يقبلُ التأويل إلا بتعسُّفٍ يستهجنُه الفصحاء من المتكلِّمين، وحملُه على ظاهره ممَّا لا يمكنُ تعقُّله لأنَّه يفترضُ علاقةً سببيَّةً تكوينيَّةً بين قطعةٍ لحميَّةٍ في الجسدِ وبين الذنوبِ والشرور التي تصدرُ عن الإنسان بحيثُ يكونُ استئصالُ هذه القطعةِ اللحميَّة مفضياً لعصمةِ الإنسان من الشرورِ والذنوب.

([9]) أخرجه مسلم (162). ([10]) ينظر: مصابيح السنة للبغوي (4/ 70)، وشرحاه: تحفة الأبرار للبيضاوي (3/ 483)، والمفاتيح في شرح المصابيح للمظهري (6/ 172). ([11]) ينظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/ 382). ([12]) الحِجر من الكعبة. غريب الحديث لإبراهيم الحربي (2/ 389). ([13]) هي النقرة التي بين الترقوتين. جامع الأصول (11/ 296). ([14]) الشعرة بالكسر: العانة، وقيل: منبت شعرها. النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 480). ([15]) أخرجه البخاري (3887)، ومسلم (164). ([16]) فتح الباري (2/ 313). ([17]) ينظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/ 383)، وفتح الباري لابن حجر (7/ 205)، وعمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني (17/ 23). ([18]) ينظر: الأنوار الكاشفة للمعلمي (ص: 137). ([19]) ينظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/ 382). ([20]) صحيح ابن حبان (1/ 244- إحسان). ([21]) المفاتيح في شرح المصابيح (6/ 173). ([22]) ينظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لملا علي القاري (9/ 3743). ([23]) الإفصاح عن معاني الصحاح (5/ 352). ([24]) ينظر: دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين لمحمد أبو شهبة (ص: 90).

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]