ثانياً، هناك نهجٌ أقرب للدفاعي ويتمحور حول تعزيز الدولة كحصنٍ منيع ضد أي مؤثرات سلبية ثقافية خارجية، من خلال فرض سياساتٍ ثقافية محلية ومنتجات ورموز معرفية وطنية وبناء هُوية وطنية جامعة تميزُ المجتمع المحلي وتبعدهُ عن أي اختراقات لهُويات عابرة، كما تفعله إيران على سبيل المثال. وهذه الدول المدافعة قد تنجح في بعض السياسات على المدى القريب والمتوسط، لكنها على المدى البعيد لا يمكنها الصمود ما لم تكُن منتجاتها الثقافية والمعرفية والهُوياتية الوطنية أكثر جذباً وواقعية من الثقافات «الغازية». وأخيراً يوجد نهجٌ استراتيجي هجومي تتزعمهُ الولايات المتحدة الأميركية منذ الدعوة إلى «أمركة العالم» التي أطلقها عام 1898. ضيف الله القرني - هاي كورة – النسخة السعودية. الرئيس ثيودور روزفلت لترويج قيَم أميركا وأفكارها ورؤاها للعالم كركيزة أساسية في القوة الاستراتيجية الأميركية، تضافُ إلى الركائز الأخرى العسكرية والاقتصادية والتقنية. ولذلك تعتقد النُخب السياسية والثقافية الأميركية أمثال فرانسيس فوكاياما وصمويل هنتنغتون أن الاختلافات الثقافية ستكون هي المحرك الرئيس للنزاعات بين البشر في السنين المقبلة، وأنه يستوجب على الولايات المتحدة فرض الثقافة الليبرالية الأميركية ولو بالقوة.
وفي مرحلته الثانوية في المعهد العلمي برز نشاطه بشكل كبير حيث جعل من المكان الذي تعلم فيه لوحة فنية بمجسماته ولوحاته التي ما زالت شاهدة له حتى الآن. فالمعهد العلمي يحتضن بعض أعماله التي صنعها بيده وبقيت شاهدا له رحمه الله. وقبل تخرجه من المعهد العلمي افتتح له محافظ المنطقة في نادي الزيتون المعرض الأول والذي عرض فيه الكثير من اللوحات الفنية التي كانت شاهدا على تميزه ونبوغه في سن مبكر. ثم انتقل إلى المرحلة الجامعية حيث درس في جامعة أم القرى ووجد في مرحلته الجامعية البيئة الخصبة التي وفرت له الشهرة التي حققها في مجال الفن التشكيلي والكتابة في النقد الفني حيث كان كاتبا لا يبارى في مجال النقد الفني إلى جانب أعماله التشكيلية التي بدأها بالحروفيات مرورا بالتجريد وانتهاء بالتشكيل. وفي السنة الأولى من المرحلة الجامعية افتتح له مدير الجامعة الدكتور راشد الراجح آنذاك معرضه الثاني, ثم واصل مسيرة الفنية في المنطقة الغربية إلى جانب كتاباته النقدية في الصحف المحلية, وقد كان له مواضيع متعددة في ملحق الأربعاء الذي كان يصدر مع جريدة المدينة. وفي العام الثاني أو الثالث من مرحلته الجامعية افتتح معرضه الثالث على شرف معالي الدكتور خالد عبدالغني أمين مدينة جده, وبعد ذلك بأعوام افتتح معرضه الرابع في مدينة جده في بيت التشكيلين.
له مواقف لا تعد ولا تحصى سواء في قبيلته بني سهيم أو على مستوى محافظة العرضيات، وكان لا يتأخر عن مساعدة الجميع، كما تكفل ببعض الأسر وساعد في تفريج كربهم، وكان صاحب يد بيضاء على الجميع دون أن يعلم أحد. وقد شارك في الكثير من اللجان والمجالس ومنها على سبيل المثال: (عمل عضوًا في الحملة الوطنية ضد الإرهاب، وعضوًا في المجلس البلدي بالعرضيتين خلال دورته الأولى، وعضوًا في لجنة أصدقاء الصحة، وعضوًا في اللجنة المحلية بالعرضية الشمالية، وعضوًا في لجنة تطوير القرى، وعضوًا في لجنة استقبال زوار العرضيتين، شارك في التعداد السكاني لأربع مرات كمشرف عام). وفاته أصيب بالمرض عام 1434هـ، وبدأت المعاناة فكان صابرًا محتسبًا قويًا بإيمانه، وتغلب على ما ألم به من أمراض متتالية، فلم يظهر الضعف أو تأثير المرض عليه حتى لأقرب الناس، حتى توفاه الله عام 1440هـ – رحمه الله -، وقد حزن الجميع بوفاته حيث خسرت محافظة العرضية واحدًا من أبرز شخصياتها ممن أجمع على محبته الجميع.