موقع شاهد فور

واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم

June 28, 2024

قوله تعالى: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا قوله تعالى: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي هذا مثل قوله: ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي في سورة " الأنعام " وقد مضى الكلام فيه. تفسير: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه). وقال سلمان الفارسي - رضي الله عنه -: جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عيينة بن [ ص: 350] حصن والأقرع بن حابس فقالوا: يا رسول الله; إنك لو جلست في صدر المجلس ونحيت عنا هؤلاء وأرواح جبابهم - يعنون سلمان وأبا ذر وفقراء المسلمين ، وكانت عليهم جباب الصوف لم يكن عليهم غيرها - جلسنا إليك وحادثناك وأخذنا عنك ، فأنزل الله - تعالى -: واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه - حتى بلغ - إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها. يتهددهم بالنار. فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يلتمسهم حتى إذا أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله قال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي ، معكم المحيا ومعكم الممات.

سلسلة مع القرآن والعترة(6)وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ

وقد ذكر المفسرون في (الدعاء) = {يدعون} الذي كان هؤلاء الرهط، الذين يدعون ربهم به أقوالاً: فقال بعضهم: هو الصلوات الخمس. وقال آخرون: هو شهود الصلوات المكتوبة. وقال آخرون: ذكرهم الله تعالى ذكره. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الكهف - قوله تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه- الجزء رقم8. وقال آخرون: كان ذلك تعلمهم القرآن وقراءته. وقال آخرون: عبادتهم ربهم. والصواب أن يقال: إن الله سبحانه أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يصبر نفسه {مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} و(الدعاء لله)، يكون بذكره وتمجيده والثناء عليه قولاً باللسان، وعملاً بالجوارح. وقد يجوز أن يكون القوم كانوا جامعين هذه المعاني كلها، فوصفهم الله بذلك بأنهم يدعونه بالغداة والعشي؛ لأن الله قد سمى (العبادة) (دعاء)، فقال تعالى ذكره: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} (غافر:60). قال الطبري: "ولا قول أولى بذلك بالصحة، من وصف القوم بما وصفهم الله به: من أنهم كانوا يدعون ربهم بالغداة والعشي، فيُعمُّون بالصفة التي وصفهم بها ربهم، ولا يخصون منها بشيء دون شيء". الوقفة الثانية: قوله سبحانه: {بالغداة والعشي} ذكروا في المراد منها وجوهاً: الأول: المراد كونهم مواظبين على دعاء ربهم في كل الأوقات، كقول القائل: ليس لفلان عمل بالغداة والعشي إلا قراءة القرآن.

هذا أمر منه سبحانه لنبيه بملازمة ضعاف المسلمين، بقوله: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ}، أي: احبسها معهم حبس ملازمة. قال السعدي: "في قوله: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} أَمْرٌ بصحبة الأخيار، ومجاهدة النفس على صحبتهم، ومخالطتهم، وإن كانوا فقراء؛ فإن في صحبتهم من الفوائد ما لا يحصى... والصبر المذكور في هذه الآية، هو الصبر على طاعة الله، الذي هو أعلى أنواع الصبر، وبتمامه تتم باقي الأقسام". وقد ذكر المفسرون في الدعاء = { يَدْعُونَ} الذي كان هؤلاء الرهط، الذين يدعون ربهم به أقوالاً: فقال بعضهم: هو الصلوات الخمس. وقال آخرون: هو شهود الصلوات المكتوبة. سلسلة مع القرآن والعترة(6)وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ. وقال آخرون: ذكرهم الله تعالى ذكره. وقال آخرون: كان ذلك تعلمهم القرآن وقراءته. وقال آخرون: عبادتهم ربهم. والصواب أن يقال: إن الله سبحانه أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يصبر نفسه { مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} والدعاء لله، يكون بذكره وتمجيده والثناء عليه قولاً باللسان، وعملاً بالجوارح. وقد يجوز أن يكون القوم كانوا جامعين هذه المعاني كلها، فوصفهم الله بذلك بأنهم يدعونه بالغداة والعشي؛ لأن الله قد سمى العبادة دعاء، فقال تعالى ذكره: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60].

إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الكهف - قوله تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه- الجزء رقم8

فبين تعالى من حال الغافلين عن ذكر الله التابعين لهواهم، أنهم مقصرون في مهماتهم، معرضون عما وجب عليهم من التدبر في الآيات، والتحفظ بمهمات الدنيا والآخرة". واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة. والحاصل، أنه تعالى وصف أولئك الفقراء بالمواظبة على ذكر الله، والإعراض عن غير ذكره سبحانه، فقال: {الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ}، ووَصَفَ هؤلاء الأغنياء بالإعراض عن ذكر الله تعالى، والإقبال على غيره تعالى، وهو قوله: {أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} ثم أمر رسوله بمجالسة أولئك، والمباعدة عن هؤلاء. وقد روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: جلست في عصابة من ضعفاء المهاجرين، وإن بعضهم ليستتر ببعض من العري، وقارئ يقرأ علينا، إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام علينا، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، سكت القارئ، فسلم، ثم قال: «ما كنتم تصنعون؟» قلنا: يا رسول الله! إنه كان قارئ لنا يقرأ علينا، فكنا نستمع إلى كتاب الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحمد لله الذي جعل من أمتي مَنْ أُمرت أن أصبر نفسي معهم» ، قال: فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطنا؛ ليعدل بنفسه فينا، ثم قال بيده هكذا، فتحلقوا وبرزت وجوههم له، قال: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف منهم أحداً غيري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة، تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم، وذاك خمس مائة سنة».

تعريف الغداة وَالْعَشِيِّ في المعجم تأتي كلمة الغداة بمشتقاتها وهي اغتدي تغدي تغدَّى يتغدَّى ، تغدَّ ، تغدّيًا وهي تعني وجبة الظهيرة. مثال تغدَّى الرَّجلُ ، أي أكل طعامَ الغداء، وهو وجبة الظهيرة أو أوّل النهار، فتقول: ما بي تَغَدٍّ ولا تَعَشٍّ، ولا تقول: ما بي غَداءٌ ولا عَشَاءٌ. أما العَشِيُّ: هي الوقت من زوال الشَّمس إِلى المغرب، أَو من صلاة المغرب إِلى العَتَمَةِ،صلاتا العَشِيّ: صلاة الظُّهر وصلاة العصر،جَمَلٌ عَشِيٌّ: يُطِيلُ الرَّعْيَ لَيْلاً. الفرق بين الغداة وَالْعَشِيِّ من حيث الوقت الحياة تكون فى وقت الغداة أكثر نشاطاً لانة يكون بداية اليوم وبداية النشاط وبداية الحياة فتكون أكثر الأنشطة الحياتية في وقت الغداة وهو وقت يمتد إلى وقت الغروب ويبدأ وقت آخر في وقت الغداة هو أول طلوع الفجر لذلك هو يسمي أول النهار. ويكون الاختلاف التام بين وقت الغداة ووقت العشي في وقت العشي يكون في آخر النهار أو المساء أو الامسية والعشي أصله من العشا فإذا زالت الشمس وأصبح الظل شرقيا وتحولت الشمس غربية فذلك يسمى وقت "العشي" فوقت العشاء يعتبر هو الثلث الأخير من الليل.

تفسير: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)

وقد روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: جلست في عصابة من ضعفاء المهاجرين، وإن بعضهم ليستتر ببعض من العري، وقارئ يقرأ علينا، إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام علينا، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، سكت القارئ، فسلم، ثم قال: « ما كنتم تصنعون؟ » قلنا: يا رسول الله! إنه كان قارئ لنا يقرأ علينا، فكنا نستمع إلى كتاب الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الحمد لله الذي جعل من أمتي مَنْ أُمرت أن أصبر نفسي معهم » ، قال: فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطنا؛ ليعدل بنفسه فينا، ثم قال بيده هكذا، فتحلقوا وبرزت وجوههم له، قال: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف منهم أحداً غيري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أبشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة ، تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم، وذاك خمس مائة سنة ». وروي أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم، وجلس بينهم، وقال: « الحمد لله الذي جعل من أمتي مَنْ أُمرت أن أصبر نفسي معه، وروي أنه قال لهم: رُحباً بالذي عاتبني فيهم ربي ».

وهذه الصفة هي الغالبة، وإلا فيوجد في المسلمين من هو ضخم البدن، وهو من أولياء الله ومن عباده المتقين، وفي صفة بعض الصحابة  أوصاف تشبه هذا من جهة البدانة، علي  كان يلقب بالبطين، أو لربما قيل له ذلك لضخامة في بطنه، وبعض أئمة السنة ورواة الحديث لقبه البطين؛ لضخامة بطنه، وليس هذا شيئًا يذم به الإنسان، فهذه خلقة الله -تبارك وتعالى، ولكن هو الجَموع المَنوع، يجمع المال، ويمنع حق الله  فيه، هذا هو المشهور في معناه. والغلظة، والقسوة، والجفاء ليست من صفات عباد الله المتقين، وإنما هي من صفات أهل النار، ولذلك يبتعد الإنسان أن يكون جلفاً، جافًّا، غليظاً، عنيفاً، وإنما يلطف بالناس قدر المستطاع، وما وُضع الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه [7]. هذا، وأسأل الله  أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه. أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب الكبر (8/ 20)، رقم: (6071)، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء (4/ 2190)، رقم: (2853). أخرجه البخاري، كتاب الصلح، باب الصلح في الدية (3/ 186)، رقم: (2703).

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]