من ويكي مصدر، المكتبة الحرة اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
تفرد به أحمد إسناده جيد قوي ، وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغلب ، وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب. وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو بكر الحنفي ، حدثنا الضحاك بن عثمان ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أحدكم إذا كان في المسجد ، جاءه الشيطان فأبس به كما يبس الرجل بدابته ، فإذا سكن له زنقه - أو: ألجمه ". قال أبو هريرة: وأنتم ترون ذلك ، أما المزنوق فتراه مائلا - كذا - لا يذكر الله ، وأما الملجم ففاتح فاه لا يذكر الله عز وجل. تفرد به أحمد. القرطبى: سورة الناس مثل ( الفلق) لأنها إحدى المعوذتين. وروى الترمذي عن عقبة بن عامر الجهني عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لقد أنزل الله علي آيات لم ير مثلهن: قل أعوذ برب الناس إلى آخر السورة و قل أعوذ برب الفلق إلى آخر السورة ". ﴿ قل أعوذ برب الناس ﴾ سورة الناس / القارئ مشاري العفاسي - YouTube. وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه مسلم. بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الناس قوله تعالى: قل أعوذ برب الناس أي مالكهم ومصلح أمورهم. وإنما ذكر أنه رب الناس ، وإن كان ربا لجميع الخلق لأمرين: أحدهما: لأن الناس معظمون ؛ فأعلم بذكرهم أنه رب لهم وإن عظموا. الثاني: لأنه أمر بالاستعاذة من شرهم ، فأعلم بذكرهم أنه هو الذي يعيذ منهم.
الطبرى: القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد أستجير ( بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ) وهو ملك جميع الخلق: إنسهم وجنهم، وغير ذلك، إعلاما منه بذلك من كان يعظم الناس تعظيم المؤمنين ربهم أنه ملك من يعظمه، وأن ذلك في مُلكه وسلطانه، تجري عليه قُدرته، وأنه أولى بالتعظيم، وأحقّ بالتعبد له ممن يعظمه، ويُتعبد له، من غيره من الناس. ابن عاشور: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) شابهت فاتحتها فاتحة سورة الفلق إلا أن سورة الفلق تعوُّذ من شرور المخلوقات من حيوان وناس ، وسورة الناس تعوّذ من شرور مخلوقات خفيّة وهي الشياطين. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الناس. والقول في الأمر بالقول ، وفي المقول ، وفي أن الخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم والمقصود شموله أمته ، كالقول في نظيره من سورة الفلق سواء. وعُرِّف { رب} بإضافته إلى { الناس} دون غيرهم من المربوبين لأن الاستعاذة من شر يلقيه الشيطان في قلوب الناس فيَضِلُّون ويُضلون ، فالشر المستعاذ منه مصبه إلى الناس ، فناسب أن يُستحضر المستعاذُ إليه بعنوان أنه رب من يُلْقون الشر ومن يُلْقَى إليهم ليصرف هؤلاء ويدفع عن الآخرين كما يقال لمَولى العبد: يا مولَى فلان كُف عني عبدك.
قال ابن عباس: إن الملائكة خائفون من الله ليس كخوف ابن آدم; لا يعرف واحدهم من على يمينه ومن على يساره ، لا يشغلهم عن عبادة الله طعام ولا شراب; وعنه قال: الرعد ملك يسوق السحاب ، وإن بخار الماء لفي نقرة إبهامه ، وإنه موكل بالسحاب يصرفه حيث يؤمر ، وإنه يسبح الله; فإذا سبح الرعد لم يبق ملك في السماء إلا رفع صوته بالتسبيح ، فعندها ينزل القطر ، وعنه أيضا كان إذا سمع صوت الرعد قال: سبحان الذي سبحت له. وروى مالك عن عامر بن عبد الله عن أبيه أنه كان إذا سمع صوت الرعد قال: سبحانه الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ، ثم يقول: إن هذا وعيد لأهل الأرض شديد. إعراب قوله تعالى: هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال الآية 12 سورة الرعد. وقيل: إنه ملك جالس على كرسي بين السماء والأرض ، وعن يمينه سبعون ألف ملك وعن يساره مثل ذلك; [ ص: 259] فإذا أقبل على يمينه وسبح سبح الجميع من خوف الله ، وإذا أقبل على يساره وسبح سبح الجميع من خوف الله. ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء ذكر الماوردي عن ابن عباس وعلي بن أبي طالب ومجاهد: نزلت في يهودي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أخبرني من أي شيء ربك; أمن لؤلؤ أم من ياقوت ؟ فجاءت صاعقة فأحرقته. وقيل: نزلت في بعض كفار العرب; قال الحسن: ( كان رجل من طواغيت العرب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - نفرا يدعونه إلى الله ورسوله والإسلام فقال لهم: أخبروني عن رب محمد ما هو ، ومم هو ، أمن فضة أم من حديد أم نحاس ؟ فاستعظم القوم مقالته; فقال: أجيب محمدا إلى رب لا يعرفه!
قالوا: صدقت! قالوا: فأخبرنا عن الرعد ما هو؟ قال: (ملك من الملائكة، موكل بالسحاب معه مخاريق من نار، يسوق بها السحاب، حيث شاء الله). قالوا: صدقت! وينشئ السحاب الثقال. قالوا: أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة، فإنه ليس من نبي إلا يأتيه ملك من الملائكة من عند ربه، بالرسالة وبالوحي، فمَن صاحبك فإنه إنما بقيت هذه حتى نتابعك؟ قال: هو جبريل. قالوا: ذلك الذي ينـزل بالحرب وبالقتل ذاك عدونا من الملائكة لو قلت: ميكائيل الذي ينـزل بالقطر والرحمة تابعناك! فأنزل الله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ} إلى آخر الآية: {فَإِنَّ الله عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:97–98]". وتدلّ الآيات الكريمة والحديث الشريف أنّ حركة السحاب تجري بأمر الله، فهو الذي يُرسل السحاب وهو الذي يُنشىء السحاب الثقال، وهو الذي يسوق السحاب، وهو الذي يُزجي السحاب، وهو الذي يُؤلّف بينه، وهو الذي يجعله ركاماً، وهو الذي يبسط السحاب في السماء كيف يشاء فيجعله كسفاً، وهو الذي أوكل ملائكة خاصة بالسحاب، كما أوكل ملائكة بالقطر، وملائكة بقبض الأرواح، وملائكة بالجبال، وملائكة أخرى بنفخ الروح، وملائكة بتثبيت المؤمنين؛ فسبحان الخالق العظيم الذي خلق كل شيء فقدَّره تقديراً.