موقع شاهد فور

منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة

June 29, 2024

وقيل: ( حتى) بمعنى " إلى " وحينئذ لا جواب له; أي صدقكم الله وعده إلى أن فشلتم ، أي كان ذلك الوعد بشرط الثبات. ومعنى وتنازعتم اختلفتم; يعني الرماة حين قال بعضهم لبعض: نلحق الغنائم. وقال بعضهم: بل نثبت في مكاننا الذي أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالثبوت فيه. وعصيتم أي خالفتم أمر الرسول في الثبوت. من بعد ما أراكم ما تحبون يعني من الغلبة التي كانت للمسلمين يوم أحد أول أمرهم; وذلك حين صرع صاحب لواء المشركين على ما تقدم ، وذلك أنه لما صرع انتشر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وصاروا كتائب متفرقة فحاسوا العدو ضربا حتى أجهضوهم عن أثقالهم. وحملت خيل المشركين على المسلمين ثلاث مرات كل ذلك تنضح بالنبل فترجع مغلوبة ، وحمل المسلمون فنهكوهم قتلا. منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة - طريق الإسلام. فلما أبصر الرماة الخمسون أن الله عز وجل قد فتح لإخوانهم قالوا: والله ما نجلس ههنا لشيء ، قد أهلك الله العدو وإخواننا في عسكر المشركين. وقال طوائف منهم: علام نقف وقد هزم الله العدو ؟ فتركوا منازلهم التي عهد إليهم النبي صلي الله عليه وسلم ألا يتركوها ، وتنازعوا وفشلوا وعصوا الرسول فأوجفت الخيل فيهم قتلا. وألفاظ الآية تقتضي التوبيخ لهم ، ووجه التوبيخ لهم أنهم رأوا مبادئ النصر ، فكان الواجب أن يعلموا أن تمام النصر في الثبات لا في الانهزام.

  1. منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة - طريق الإسلام

منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة - طريق الإسلام

ولذلك أعقب الله تعالى الأمر بالاعتصام والاتحاد في قوله تعالى: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾ بقوله سبحانه: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر﴾ (103-104) آل عمران؛ إشارةً إلى أن الانشغال بالمهام الكبرى يقوي روابط الإخاء ويزيد من دوافع الاتفاق والاجتماع. ومما يدل على ذلك: أن الفتوحات توقفت في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بسبب الانشغال بقتال معاوية في الشام والخوارج في العراق، فلم يتفرغ لتوسعة الدولة الإسلامية ونشر الإسلام في هذه الفترة بسبب هذا العارض الذي حدث في زمنه. وكذلك يعطل التفرق والاختلاف الأفكار عن التطوير والتقدم، ويشغلها بمناكفة الخصوم، وتفنيد حججهم وأدلتهم. وأنت تجد المكتبات مليئة بالرسائل والأجزاء المؤلفة في مسألة من المسائل الجزئية العلمية أو العملية، وحشد الأدلة في ترجيح أحد القولين والرد على الآخر، مما يشعرك بأن القول الآخر جدير بالدحض والطرح وأن القول الراجح لا يجوز العمل بغيره. والمفترض في مثل هذا أن لا يكون هو الشغل الشاغل والعمل الرئيس في حياة العلماء وطلاب العلم، فالاختلاف سنة كونية، وإنما يكون الرد منهم بقدر ما يتبين به الخطأ في الأمور القطعية، أما في مسائل الاجتهاد التي يكون الخلاف فيها محتملاً فلا حاجة للتأليف وعقد مجالس المناظرة في تحديد الرأي الراجح.

الأحد 8 محرم 1441 - 8 سبتمبر 2019 7437 المؤلف: عبد القادر إدريس بإشراف اللجنة العلمية العليا بسم الله الرحمن الرحيم التوافق بين المسلمين أصل الدّين، و الاختلاف بينهم أول الفساد ورأس الزّلل، وكما تجب الموافقة في الدين والعقيدة تجب الموافقة في الرأي والعزيمة(1)، وما خطرٌ أشد على الأمة وأهتك لسترها وأنكى في قوتها وأعظم ثغرة لعدوها من اختلاف كلمتها وتفرق صفها. ويكفي في بيان خطرها وضررها أن الله جعلها من جنس العذاب والعقوبات التي ينزلها بالقوم الظالمين، قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾. (65) الأنعام والمتأمل في نصوص الشريعة وسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجد التشريعات المتوافرة والتدابير المتظافرة التي تمنع من ولوج هذا الخطر على الأمة، كما تقدم بيان ذلك، وما ذاك إلا للمفاسد العظيمة التي تهدد كيان الأمة الإسلامية من التفرق والاختلاف، وإليك أيها القارئ الكريم بيان شيء من ذلك: • أولاً: الفشل والهزيمة يقول الله تعالى مُنبِّهًا إلى أعظم مخاطر تفرق الكلمة: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا﴾ (46) الأنفال، أي: لا تنازعوا وتختصموا وتختلفوا، فإن ذلك يؤدي بكم إلى الفشل والضعف، وإلى ذهاب دولتكم، وهوان كلمتكم، وظهور عدوكم عليكم(2).

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]