ولذلك قال الله تعالى: (لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ) أي نأخذه ونحرقه، ثم وجدوا أنَّ هذا الجزء من الناصية في الحيوانات صغيرٌ ضعيفٌ؛ لأن الحَيوان مركزُ قيادته وحركةُ جسمه من هذا المكان أيضًا، وإلى هذا تشيرُ الآية الكريمة (مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [ هود: 56] واليومَ في دولِ الغرب يَتحدثونَ عن جهاز يُوضعُ حول ناصية من أرادت الدولةُ استجوابهم ليدلَّ على صدقه أو كذبه، بإشارات تطلقها الناصية عند الخبر الصادق بخلاف الخبر الكاذب، فسبحان الله ربِّ العَرشِ العَظيمِ قال تَعالى ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) [الذاريات:21]
ولأهمية هذه المنطقة، التي توعد الله عز وجل، أبا جهل بأن يهينه منها، فهي مكان القيادة في جسم الإنسان، وتحديدًا في المخ، يقول سبحانه وتعالى: «مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍا»، كما جاء في الحديث النبوي الشريف. قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك»، وما ذلك إلا لأنها مكان السجود والخشوع والخنوع لله عز وجل. اقرأ أيضا: 3مراحل لنزول القرآن.. هل نزل في ليلة القدر أم في النصف من شعبان؟ (الشعراوي يجيب) عظمة النبي ما يدل على عظمة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، أنه قبل التحدي، وذهب للصلاة أمام الكعبة المشرفة، وانتظر أبو جهل لينفذ وعيده، إلا أنه حينما أتى تراجع كالذبابة، ولم ينبس ببنت شفة، ولم يجرؤ أن يتقدم خطوة واحدة، وأخذ يدفع بيده ويتراجع للخلف. ثم انتهى الرسول من الصلاة، ورجع أبوجهل إلي أهله والكفار من أهل قريش وهم يتعجبون من أمره، فقالوا ما الذي حدث لك يا أبوجهل ؟ قال والله لقد رأيت خندقًا من نار بيني وبينه، وأجنحة تكاد تتخطفني، ولو رأيتم ما رأيت لبكيتم بدل الدمع دمًا.
وصف القرآن الناصية بأنها كاذبة خاطئة كما قال تعالى: ﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ(16)﴾ (العلق:16). والناصية لا تنطق فكيف يسند إليها الكذب ؟ ولا تجترح الخطايا فكيف تسند إليها الخطيئة؟ لقد أزال البروفيسور محمد يوسف سكر عني هذه الحيرةعندما كان يحدثني عن وظائف المخ فقال: إن وظيفة الجزء من المخ الذي يقع في ناصية الإنسان هي توجيه سلوك الإنسان فقلت له: وجدتها! قال: ماذا وجدت ؟ قلت: وجدت تفسير قوله تعالى: ﴿ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ فقال: دعني أراجع كتبي ومراجعي. وبعد مراجعته لتلك الكتب والمراجع، أكد الأمر وقال: إن الإنسان إذا أراد أن يكذب فإن القرار يتخذ في الفص الجبهي للمخ الذي هو جبهة الإنسان وناصيته، وإذا أراد الخطيئة فإن القرار كذلك يتخذ في الناصية. ثم عرضت الموضوع على عددٍ من العلماء المتخصصين، منهم البرفسور كيث إل مور الذي أكد أن الناصية هي المسئولة عن المقايسات العليا وتوجيه سلوك الإنسان، وما الجوارح إلا جنود تنفذ هذه القرارات التي تتخذ في الناصية؛ لذلك فالقانون في بعض الولايات الأمريكية يجعل عقوبة كبار المجرمين الذي يرهقون أجهزة الشرطة هي استئصال الجزء الأمامي من المخ (الناصية)، (لأنه مركز القيادة والتوجيه) ليصبح المجرم بعد ذلك كطفلٍ وديع يستقبل الأوامر من أي شخص.
ماالذي جعل الإنسان أذكى من الحيوان! ؟.. إن كان على حجم الدماغ فالفيل والحوت يملكان دماغا أكبر. وإن كان على تعقيد الجهاز العصبي فلسنا فريدين من نوعنا. وان كان على قوة الإدراك فحيوانات كثيرة تفوقنا في حواس الشم والإبصار ووو... السر الحقيقي يكمن في ضخامة الفص الأمامي من دماغ الإنسان (Frontal Cortex)؛ فهذه المنطقة (التي تقع خلف الجبهة مباشرة) مسؤولة عن التحليل والتخطيط واتخاذ القرارات وكل ما يقع تحت تعريف الذكاء. ومقارنة بجسم الإنسان تعد ضخمة وكبيرة (وتصل حد الورم). وأول من نبه إلى هذه الحقيقة العلماء الألمان عام 1992حين قارنوا بين حجم هذه المنطقة في الإنسان وعدد من الحيوانات. كما أثبتت دراسات أجريت عام 1961أن هذه المنطقة أكبر من قرينتها لدى قردة الشمبانزي والدلافين (التي تأتي بعد الإنسان في سلم الذكاء).. وحتى وقت قريب كان هناك من يدعي أن هذه المقارنات قديمة وتمت بين أدمغة (ميتة) تقلصت بنسب متفاوته. ولكن اليوم وفرت أجهزة المسح المغناطيسي صورا (حية) أزالت الشك عن ضخامة وفعالية الفص الأمامي للإنسان.. وفي حين شكك بعض العلماء في أن ضخامة الفص الأمامي لا تتناسب مع البون الشاسع بين ذكاء الإنسان والحيوان.
وقيل إن مروان بن الحكم مات بالطاعون.
قالوا: ولما كان نائبا بالمدينة كان إذا وقعت معضلة جمع من عنده من الصحابة فاستشارهم فيها. قالوا: وهو الذي جمع الصيعان فأخذ بأعدلها فنسب إليه الصاع، فقيل: صاع مروان. وقال الزبير بن بكار: حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثني ابن أبي علي اللهبي، عن إسماعيل بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه. قال: خرج أبو هريرة من عند مروان فلقيه قوم قد خرجوا من عنده فقالوا له: يا أبا هريرة، إنه أشهدنا الآن على مائة رقبة أعتقها الساعة. قال: فغمز أبو هريرة يدي، وقال: يا أبا سعيد، بك من كسب طيب خير من مائة رقبة. مروان بن الحكم. قال الزبير: البك الواحد. وقال الإمام أحمد: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد. قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا بلغ بنو أبي فلان ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله دولا، ودين الله دخلا، وعباد الله خولا». ورواه أبو يعلى عن زكريا بن زحمويه، عن صالح بن عمر، عن مطرف، عن عطية، عن أبي سعيد. قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين رجلا اتخذوا دين الله دخلا، وعباد الله خولا، ومال الله دولا». وقد رواه الطبراني عن أحمد بن عبد الوهاب، عن أبي المغيرة، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن أبي ذر.
كان قارئًا لكتاب الله، فقيهًا في دين الله، شديدًا في حدود الله، ومن أجل ذلك ولاه معاوية t المدينة غير مرة، وأقام للناس الحج في سنين متعددة. كما كان مروان قضَّاء يتتبع قضايا عمر بن الخطاب t، وكان جوادًا كريمًا فقد روى المدائني عن إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد أن مروان أسلف علي بن الحسين -رضي الله عنهما- حين رجع إلى المدينة بعد مقتل الحسين t ستة آلاف دينار، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه عبد الملك أن لا يسترجع من علي بن الحسين شيئًا، فبعث إليه عبد الملك بذلك فامتنع من قبولها، فألح عليه فقبلها، وقال: الشافعي: إن الحسن والحسين كان يصليان خلف مروان ولا يعيدانها، ويعتدان بها. "مروان بن الحكم".. مغامر أنقذ دولة وقتلته امرأة. وكان مروان حكيمًا ذا عقل وكياسة، ومما يدل على حكمته وعقله أنه كان أثناء ولايته على المدينة إذا وقعت مشكلة شديدة جمع مَنْ عنده من الصحابة فاستشارهم فيها، وهو الذي جمع الصيعان فأخذ بأعدلها فنسب إليه الصاع؛ فقيل: صاع مروان. قال عنه أبو بكر بن العربي: "مروان رجل عَدْلٌ من كبار الأمة عند الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين، أما الصحابة فإن سهل بن سعد السَّاعدي روى عنه، وأما التابعون فأصحابه في السن، وإن كان جازهم باسم الصحبة في أحد القولين، وأما فقهاء الأمصار فكلهم على تعظيمه، واعتبار خلافته، والتَّلَفُّت إلى فتواه، والانقياد إلى روايته، وأما السفهاء من المؤرخين والأدباء فيقولون على أقدارهم".