موقع شاهد فور

إن الناس قد جمعـوا لكم فاخشوهم

June 28, 2024

(والله ذو فضل عظيم): بهذا يسجل الله لهم في كتابه الخالد، وفي كلامه الذي تتجاوب به جوانب الكون كله، صورتهم هذه، وموقفهم هذا، وهي صورة رفيعة، وهو موقف كريم. وينظر الإنسان في هذه الصورة وفي هذا الموقف، فيحس كأن كيان الجماعة كله قد تبدل ما بين يوم وليلة. نضجت، وتناسقت، واطمأنت إلى الأرض التي تقف عليها، وانجلى الغبش عن تصورها، وأخذت الأمر جدا كله، وخلصت من تلك الأرجحة والقلقلة التي حدثت بالأمس فقط في التصورات والصفوف. إن الناس قد جمعـوا لكم فاخشوهم. فما كانت سوى ليلة واحدة هي التي تفرق بين موقف الجماعة اليوم وموقفها بالأمس، والفارق هائل والمسافة بعيدة. لقد فعلت التجربة المريرة فعلها في النفوس؛ وقد هزتها الحادثة هزًا عنيفًا أطار الغبش، وأيقظ القلوب ، وثبت الأقدام، وملأ النفوس بالعزم والتصميم. نعم؛ وكان فضل الله عظيمًا في الابتلاء المرير. (انتهى من الظلال) المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام 6 1 313, 910

إن الناس قد جمعـوا لكم فاخشوهم

وجُمْلَةُ ونِعْمَ الوَكِيلُ مَعْطُوفَةٌ عَلى حَسْبُنا اللَّهُ في كَلامِ القائِلِينَ، فالواوُ مِنَ المَحْكِيِّ لا مِنَ الحِكايَةِ، وهو مِن عَطْفِ الإنْشاءِ عَلى الخَبَرِ الَّذِي لا تُطْلَبُ فِيهِ إلّا المُناسَبَةُ. والمَخْصُوصُ بِالمَدْحِ مَحْذُوفٌ لِتَقَدُّمِ دَلِيلِهِ. و(الوَكِيلُ) فَعِيلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ أيْ مَوْكُولٍ إلَيْهِ.

إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام

وإمّا أنْ تَعُودَ الإشارَةُ إلى النّاسُ مِن قَوْلِهِ قالَ لَهُمُ النّاسُ لِأنَّ النّاسَ مُؤَوَّلٌ بِشَخْصٍ، أعْنِي نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ، فالشَّيْطانُ بَدَلٌ أوْ بَيانٌ مِنَ اسْمِ الإشارَةِ، وأُطْلِقَ عَلَيْهِ لَفْظُ شَيْطانٍ عَلى طَرِيقَةِ التَّشْبِيهِ البَلِيغِ. ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا. وقَوْلُهُ يُخَوِّفُ أوْلِياءَهُ تَقْدِيرُهُ يُخَوِّفُكم أوْلِياءَهُ، فَحَذَفَ المَفْعُولَ الأوَّلَ يُخَوِّفُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ فَلا تَخافُوهم فَإنَّ "خَوَّفَ" يَتَعَدّى إلى مَفْعُولَيْنِ إذْ هو مُضاعَفُ خافَ المُجَرَّدِ، وخافَ يَتَعَدّى إلى مَفْعُولٍ واحِدٍ فَصارَ بِالتَّضْعِيفِ مُتَعَدِّيًا إلى مَفْعُولَيْنِ مِن بابِ كَسا كَما قالَ تَعالى ويُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ. وضَمِيرُ فَلا تَخافُوهم عَلى هَذا يَعُودُ إلى أوْلِياءَهُ. وجُمْلَةُ وخافُونِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ فَلا تَخافُوهم وجُمْلَةِ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. وقَوْلُهُ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ شَرْطٌ مُؤَخَّرٌ تَقَدَّمَ دَلِيلُ جَوابِهِ، وهو تَذْكِيرٌ وإحْماءٌ لِإيمانِهِمْ، وإلّا فَقَدْ عُلِمَ أنَّهم مُؤْمِنُونَ حَقًّا.

(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤)). [آل عمران: ١٧٣ - ١٧٤]. (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ) المراد بالناس هنا رجل يقال له: نعيم بن مسعود. وقيل: ركب لقيهم أبو سفيان، فضمن لهم ضماناً لتخويف النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه. (إِنَّ النَّاسَ) المراد بالناس هو أبو سفيان وأصحابه ورؤساء عسكره. • قال الرازي: نزلت هذه الآية في غزوة بدر الصغرى، وذلك أن أبا سفيان لما عزم على الانصراف إلى مكة في أعقاب غزوة أحد نادى: يا محمد موعدنا موسم بدر الصغرى فنقتتل بها إن شئت. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر: قل له بيننا وبينك ذلك إن شاء اللّه. فلما حضر الأجل خرج أبو سفيان مع قومه حتى نزل بمر الظهران، فألقى اللّه الرعب في قلبه، فبدا له أن يرجع. إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. فلقى نعيم بن مسعود وقد قدم معتمرا فقال له: يا نعيم، إني وعدت محمدا أن نلتقي بموسم بدر. وإن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر، ونشرب فيه اللبن.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]