جاءت نصوص الكتاب العزيز والسنة المطهرة بالحث على ملازمة الجلساء الصالحين، والتحذير من الجلساء الفاسدين؛ وذلك لما للرفقة والمجالسة من تأثير على الفرد في حياته وسلوكه، فإذا كانت الرفقة صالحة فإنها تقوده إلى الخير وتدله عليه، وإذا كانت سيئة فإنها ستقوده إلى الشر وتدله عليه. وقد ضرب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مثلاً لتأثير الرفقة والمجالسة في حياة الإنسان وفكره ومنهجه وسلوكه فيما رواه عنه الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالحِ والجَلِيسِ السّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِير، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) متفق عليه. غريب الحديث يُحذِيَك: يُعطيك. الدرر السنية. نافخ الكِير: الحداد الذي يصهر الحديد وينفخه فيتطاير الشرر. شرح الحديث اقتضت حكمة الله عز وجل في خلقه أن جعل الإنسان ميالاً بطبعه إلى مخالطة الآخرين ومجالستهم والاجتماع بهم، وهذه المجالسة لها أثرها الواضح فى فكر الإنسان ومنهجه وسلوكه، وربما كانت سبباً فعالاً في مصير الإنسان وسعادته الدنيوية والأخروية، وقد دل على ذلك الشرع والعقل والواقع.
صفات الجليس الصالح والجليس السوء الجليس الصالح والجليس السوء وأهمية إختيار الصديق الصالح والبعد عن صحبة أصدقاء السوء في الدين الإسلامي ستجده في هذا المقال في موقع الموسوعة، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش بمفرده ويبحث دائمًا عن الصحبة وعن الأُنس. ولا تستقر الحياة من دون صحبة تعاون صاحبها على الأفعال الطيبة وتبحث معه عن ما هو في صالحه، فالحياة لا يمكن أن يكون لها طعم من دون رفقة، ومن دون أن نجد من نستند عليه حين نقع أو نتعب. ففي كل مراحل حياتنا نحتاج إلى التعرف على إناس جدد يضيفوا طعم مختلف لعالمنا، ولابد أن نسعى أن لا يدخل إلا من يضيف إضافة إيجابية إلى حياتنا، لكي لا يكونوا عبء علينا ويضيفوا الأمان لحياته. صفات الجليس الصالح عليك أن تختار رفيقك بدقة شديدة، فالجليس الصالح له أهمية كبيرة في حياتنا اليومية، فهو يضيف حالة من الإستقرار والأمان للحياة، ومن صفات الصديق الصالح: القرب من الله والإلتزام بأوامره وتعاليمه والرغبة في البعد عن الذنوب والمعاصي والكبائر. مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك. المشاركة في مساعدة المحتاجين والقيام بالصالح من الأعمال. البعد عن إلحاق الأذى بالبشر وعن كافة الشرور. الصديق الصالح يعاون صديقه دائمًا ويحاول أن يجعله الأفضل في كل المجالات.
وكف الشر يدخل فيه احتمال الأذى وكظم الغيظ والصبر على المكروه والعفو عند المغفرة ومقابلة الإساءة بالإحسان وغير ذلك. قال الحسن البصري "حسن الخلق الكرم والبذلة والاحتمال". وقال ابن المبارك "هو بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى".
ولقد وصف الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في كتابه الحكيم فقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]، وقد كان كفار قريش على عداوتهم للمسلمين وكفرهم إلا أنهم كانوا يأتمنون الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأوه من حسن الخلق وطيب المعاملة وصدق التعامل.
الخطبة الأولى ( حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ) الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. حرم على النار كل هين لين. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد أيها المسلمون روى الإمام الترمذي في سننه بسند حسنه: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:« أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ ». وفي رواية لأحمد: « حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ ». إخوة الإسلام الخُلق الحسَن يُذيب الخطايا ، كما تذيب الشمس الجليد، وإن الخُلق السيئ ليُفسد العمل ، كما يُفسد الخلُّ العسل، وقد تكون في الرجل أخلاق كثيرة صالحة كلها، وخُلق سيئٌ؛ فيُفسد الخلُق السيئُ الأخلاقَ الصالحة كلَّها ، وفي هذا الحديث النبوي الكريم ، الذي بين أيدينا اليوم ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ) ،أي دخول نار جهنم يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ) " كُلُّ هَيِّنٍ" والهَون بفتح الهاء هو السكينة والوقار.