موقع شاهد فور

إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة النساء - قوله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما - الجزء رقم5

June 30, 2024

وبين أن الله سبحانه وتعالى أمر بإنشاء المجتمع (الرجل والمرأة)؛ لذلك قال انكحوهن خارج نطاق الزنا والانحراف.

  1. المفتي
  2. القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة النساء - الآية 29

المفتي

مع أن إضافة الأموال والأنفس إلى عموم المؤمنين فيه دلالة على أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ومصالحهم كالجسد الواحد، حيث كان الإيمان يجمعهم على مصالحهم الدينية والدنيوية. ولما نهى عن أكل الأموال بالباطل التي فيها غاية الضرر عليهم، على الآكل، ومن أخذ ماله، أباح لهم ما فيه مصلحتهم من أنواع المكاسب والتجارات، وأنواع الحرف والإجارات، فقال: { إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} أي: فإنها مباحة لكم. وشرط التراضي -مع كونها تجارة- لدلالة أنه يشترط أن يكون العقد غير عقد ربا لأن الربا ليس من التجارة، بل مخالف لمقصودها، وأنه لا بد أن يرضى كل من المتعاقدين ويأتي به اختيارًا. المفتي. ومن تمام الرضا أن يكون المعقود عليه معلوما، لأنه إذا لم يكن كذلك لا يتصور الرضا مقدورًا على تسليمه، لأن غير المقدور عليه شبيه ببيع القمار، فبيع الغرر بجميع أنواعه خال من الرضا فلا ينفذ عقده. وفيها أنه تنعقد العقود بما دل عليها من قول أو فعل، لأن الله شرط الرضا فبأي طريق حصل الرضا انعقد به العقد. ثم ختم الآية بقوله: { إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} ومن رحمته أن عصم دماءكم وأموالكم وصانها ونهاكم عن انتهاكها.

القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة النساء - الآية 29

يشمل النهي عن قتل الإنسان نفسه، والنهي أيضًا عن قتل الناس بعضهم بعضًا، بل إنها أُوِّلَت بما هو أشمل من هذين الأمرين، قال ابن الجوزي في زاد المسير، قوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، فيه خمسة أقوال: أحدها: أنه على ظاهره، وأن الله حرم على العبد قتل نفسه، وهذا الظاهر. والثاني: أن معناه: لا يقتل بعضكم بعضًا، وهذا قول ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وقتادة، والسدي، ومقاتل، وابن قتيبة. القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة النساء - الآية 29. والثالث: أن المعنى: لا تكلفوا أنفسكم عملًا ربّما أدى إلى قتلها، وإِن كان فرضًا، وعلى هذا تأولها عمرو بن العاص في غزاة ذات السلاسل، حيث صلى بأصحابه جُنبًا في ليلة باردة، فلمّا ذكر ذلك للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال له: يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فقال: يا رسول الله، إِني احتلمتُ في ليلة باردة، وأشفقت إِن اغتسلت أن أهلِك، فذكرت قوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. والرابع: أن المعنى: لا تغفلوا عن حظ أنفسكم، فمن غفل عن حظها، فكأنما قتلها، هذا قول الفضيل بن عياض. والخامس: لا تقتلوها بارتكاب المعاصي. اهـ. وأما: هل هناك انتحار من غير عدوان أو ظلم؟ فالجواب: نعم، وهذا لا يخفى، فقد يفعل الإنسان شيئًا يفضي إلى هلاكه، وهو لا يقصد ذلك، كمن أكل أو شرب شيئًا يظنه طعامًا أو شرابًا وهو سم قاتل، فيموت بسببه، فهذا قتل نفسه، لكنه على سبيل الخطأ، كمن يقتل غيره على سبيل الخطأ، قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْوانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا.

استعجال بعض الدعاة والوعاظ بالفتوى أخي القارئ العزيز لا تغتر بكلام بعض الدعاة والوعاظ الحركيين الذين يفتون للشباب المتحمسين ويشجعونهم على الذهاب إلى مواجهة عدو لا طاقة لهم به فيقتلون أنفسهم ولا حول ولا قوة إلا بالله. ومن العجب أن هؤلاء المنظرين لغيرهم لا يذهبون بأنفسهم ولا يرسلون أولادهم بل يضحكون على صغار السن وضعاف العقول ناسين أو غافلين أو جاهلين النصوص الشرعية من الكتاب والسنة وفتاوى العلماء في تحريم قتل الإنسان نفسه!! ولقد سمعت لأحدهم يدعى محمد. ح في شريط مسجل له يقول: "كذاب من قال عمن نفذ العملية الاستشهادية أنه منتحر" أ هـ وأقول: سبحان الله مع كلامه الباطل هذا فإنه لم يحترم العلماء الذين اشتهرت فتاواهم بتحريم هذه العمليات التي تفسد ولا تصلح، فكم من أرملة خلفوا وكم من ثكلى تبكي وكم من أب حزين على ابنه وكم من طفل تيتم ولا أدري متى يتقون الله هؤلاء في المسلمين وأبنائهم ويكفوا عن هذه الفتاوى الخاوية من الأدلة بل لا يستندون الا على شبهات باطلة أو فهم سيئ لبعض الأدلة. وأعدك أخي القارئ إذا كان في العمر بقية أن أكتب ردا على بعض الشبه لعل الله تعالى أن ينفع الكاتب والقارئ المخالف والموافق فتابع في المقال القادم إن شاء الله تعالى.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]