الصور الحية في القرآن الكريم تعجز أمامها أحدث الكاميرات ولا تستطيع محاكاتها، ومن هذه الأمور العظيمة حال "أصحاب الأعراف، والذي جسدته آيات سورة "الأعراف" بسحر وجمال ليس لهما نظير فيشعر من يستمع إلى تلك الآيات بأنه وسط هذا الحدث. ما هي الأعراف هيا نتصور مشهد يوم القيامة كما ذكره الله – تبارك وتعالى – حين ذكر لنا الجنة، والنار، وأن بينهما حجابًا وهو حاجز مانع من وصول أهل النّار إلى الجنّة كما يطمعون، وهو أيضًا الأعراف الّذي قال اللّه - تعالي - فيه "وعلى الأعراف رجال". وفي رواية عن ابن عبّاس - رضي اللّه تعالى عنه - أن الأعراف جمع: تلّ، فهي تلال بين الجنّة والنّار حبس عليه من أهل الذّنوب بين الجنّة والنّار، وفي رواية أخرى عنه أن الأعراف سور بين الجنّة والنّار. وقال السّدّيّ عن الأعراف أنها سميت أعرافا لأنّ أصحابها يعرفون النّاس بسيماهم، الصالحين منهم وغيرهم. هم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم اختلفت عبارات المفسّرين في أصحاب الأعراف من هم وكلّها قريبة ترجع إلى معني واحد وهو أنّهم قوم استوت حسناتهم وسيّئاتهم. من هم أصحاب الأعراف - مقال. قال عنهم سعيد بن داود حدّثني جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن عمرو بن جرير قال: سئل رسول اللّه "صلى الله عليه وسلم" عن أصحاب الأعراف فقال "هم آخر من يفصل بينهم من العباد فإذا فرغ ربّ العالمين من الفصل بين العباد قال أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النّار ولم تدخلوا الجنّة فأنتم عتقائي فارعوا من الجنّة حيث شئتم".
ولكن ليعلم أن الجهاد في سبيل الله ليس هو مجرد قتال الكفار، بل إن الجهاد في سبيل الله تعالى هو الذي يقاتل فيه الإنسان لتكون كلمة الله هي العليا فقط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة ويقاتل ليرى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله. وهذا هو الميزان الحقيقي الصحيح الذي يعرف به كون الجهاد في سبيل الله أو ليس في سبيل الله، فمن قاتل دفاعاً عن الوطن لمجرد أنه وطن فليس في سبيل الله، ومن جاهد عن وطنه لأنه وطن إسلامي يحتمي به عن الكفار فإنه في سبيل الله. فالميزان الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام ميزان بين واضح؛ من قاتل دون ماله أو دون أهله أو دون نفسه وقتل فهو شهيد، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حوار بين أهل الجنة وأهل النار وينتهي دور أصحاب الأعراف بدخول أهل الجنة للجنة وأهل النار للنار ويبدأ حوار آخر بين الفريقين: أهل الجنة وأهل النار: "ونادي أصحاب النّار أصحاب الجنّة أن أفيضوا علينا من الماء أو ممّا رزقكم اللّه قالوا إنّ اللّه حرّمهما على الكافرين ".
والمتأمل في عنوان السورة والاسم الذي وضع لها يجد فكراً لاشباع رغبة المعرفة، فالاعراف كلمة لها مدلولها الذي وضحنا من حيث التعريف اللغوي ولكن هناك ما خفي من اقوال اهل العلم والتقوى في ذلك ومنهم قول ابن عباس رضي الله عنه، يقول: إن الاعراف تل بين الجنة والنار حبس عليه ناس من اهل الذنوب بين الجنة والنار. وقيل كذلك، عن اهل الاعراف بأنهم قوم من بني آدم، استوت حسناتهم وسيئاتهم فجعلوا هنالك إلى ان يقضي الله فيهم ما يشاء، ثم يدخلهم الجنة بفضل رحمته إياهم.
وأن أصحاب الأعراف يجلسون في هذا المكان حتى يظهر أمرهم إلى الله-سبحانه وتعالى-ويريد أن يعافيهم ويرحمهم من هذا الأمر ولا يريد بهم إلا الخير. يقوم الله-سبحانه وتعالى-بالذهاب بهم إلى نهر في الجنة يطلق عليه نهر الحياة. يوجد على حافة هذا النهر كسب مصنوع من الذهب ومليء باللؤلؤ وتراب هذا النهر هو المسك. فيلقي الله-سبحانه وتعالى-هؤلاء القوم حتى تظهر ألوان جديدة لهم وتظهر شامة بيضاء يتميز بها الصالحون المؤمنون منهم. يقول الله-سبحانه وتعالى-لهم تمنى وما شئتم فعندما يتمنى وأمنياتهم يعطي الله لهم 70 مرة ما طلبوا ويدخلهم الجنة. يدخل هؤلاء القوم الذي ظهر لونهم وظهرت لديهم شامة بيضاء. كما يرى الشوكاني وأبو نصر القشيري ومجاهد: إن لديهم قول آخر إن أصحاب الأعراف هم من الشهداء الفضليات من المؤمنين. عايش وفي حياتهم مشغولون ا بي أحوال الناس وأحوالهم. ولكنهم أيضا فرغوا من اشتغال أنفسهم، بن عطية قال إنهم ناسون عندهم بعض الذنوب الصغيرة. ولكن على الرغم من الابتلاءات التي تعرضوا لها في الدنيا والمصائب والآلام الشديدة التي تعرضوا لها لم تكفر عنهم. فيصابون بالهم والغم وتحبس الجنة عنهم حتى تقابل بصغائر هم ويدخلون ابنة بعد ذلك.