موقع شاهد فور

الخلوة مع النفس عن

June 28, 2024

من أرقى أنواع رفاهية الروح أن يكون «انفرادك بنفسك» هو متعتك الحقيقية، فمن لا يأنس بذاته لا يأنس بشيء آخر، هكذا تحدث أحد الحُكماء، ومن جهتي لا أرى بأساً في هذا القول الجميل في المعنى والمقصد، فالكتابة عن الخلوة مع النفس وآثارها على الحياة في واقعها الحالي بما يحفه من تعقيدات ومصاعب وتحديات شيء ممتع، فالأنس مع النفس جوهر الخلوة ومتعتها الحقيقية، فقد تضطرنا ضغوطات الحياة ومصاعبها أحياناً إلى ضرب «طوق من الخلوة» حول أنفسنا للحفاظ على طاقتنا من التبدد، وعلى توهج أرواحنا ضد حالة الوهن والتشتت التي تصيبنا جراء تصاريف الأقدار وتقلبات الحياة. فالحياة يقيناً ليست نعيماً دائماً لا ينقطع، ولا هي نزهة بحرية على شواطئ يانعة الخضرة، ولا يمكن بالطبع أن تكون سلسلة من المصاعب والآلام والخسارات، إنما هي رحلة تجمع بين السعادة بمعناها الواسع الذي يجمع بين خلو البال والمتع الحسية والمعنوية والجانب الآخر الذي هو نقيض خلو البال. إذاً، هي رحلة ليست سهلة، بمقدار ما فيها من المُتع والنعم وبهاء العيش وصفوه، بقدر ما فيها من الشقاء والمعاناة. الخلوة بالنفس من أجل استعادة الشغف بالحياة ومواصلة رحلتنا، هي أن نستقطع من أوقاتنا أوقاتاً أخرى، نفرد مساحات أكثر خصوصية في المكان والزمان لاستعادة التوازن الذي ننشده لتبديد الطاقة السلبية وما علق بنا من هموم ومشاغل.

الخلوة مع النفس الاجتماعي

الخلوة مع النفس من أجمل الهدايا التي يمكن أن يهديها كل منا لنفسه، فترة مسروقة من لحظات العمر يقضيها بكل هدوء وحب وراحة مع ذاته يحادثها ويفكر معها ويحاول أن يتخلص من كل ما يزعجها ويؤلمها، يراجع طريقته في التوافق مع ظروف الحياة ويقيمها ويقومها، عزلة في داخل الذات يقضيها أحياناً بين حلم وخيال، والخلوة كذلك أوقات نستقطعها لنبتعد عن الآخرين لفترة وبشكل طبيعي بكل هدوء ورقي. لا تخلو أي مرحلة عمرية من فترات الخلوة مع الذات، وإن اختلفت الطرق والمدة الزمنية، فالمراهق إذا لم يكن مع رفاقه فهو يحب أن يعيش مع خياله في خلوة جميلة غالباً ما يسيطر عليها الخيال الرحب بكل جماله أو العكس، والراشدون الكبار يحبون الهدوء والتفكير والتفاعل بروية والبعد عن الصخب والاندفاع في التصرفات وردود الأفعال، فلا ينقذهم من كل ذلك إلا الخلوة مع الذات، والجميع دون استثناء يحتاج بعض الوقت مع ذاته فقط. الخلوة تنشط الذهن وتعيد توازنه وتوازن كل الحواس إن قضاها الفرد بهدوء وجو نفسي تغلب عليه الإيجابية والتفاؤل، فصخب الحياة الذي لا يترك وقتاً لراحة الذهن وإعادة نشاطه يقودنا إلى أن نخلو بأنفسنا ولو لوقت قليل. قد تمتد الخلوة بالنفس ساعات طويلة بسبب طبيعة شخصية الفرد، فالبعض نشأ على أن يقضي وقتاً طويلاً بمفرده سواءً كان ذلك يشعره بالسعادة أو الأمان أو قد يكون سلوكه عبارة عن هروب من التواصل مع الآخرين، فالظروف والمواقف تؤدي دوراً مهماً في ذلك أيضاً.

بعض الناس يتفكرون في خلق الله، والبعض الآخر يجلس ببساطة قرب النافذة ويتنفس بعمق، مما يؤدي إلى استمتاعه بالهدوء الشديد. هذه الخلوة من أجلكِ وهي كل ما تحتاجين إليه للتوصل إلى احتياجاتكِ. هذا هو وقت التفكير فيما تريدين وجوده وما لا تريدينه في حياتك. شيئًا فشيئًا من خلال فهم أولوياتكِ، ستبدئين في اتخاذ القرارات الصحيحة. فلكي تكوني سعيدة، يجب أن تصبحي قادرة على اتخاذ القرار، وأن تشقي طريقكِ دون خوف. وفي النهاية، تذكري أنك أنتِ سيدة قرارك. قد يثير اهتمامك...

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]