من أرقى أنواع رفاهية الروح أن يكون «انفرادك بنفسك» هو متعتك الحقيقية، فمن لا يأنس بذاته لا يأنس بشيء آخر، هكذا تحدث أحد الحُكماء، ومن جهتي لا أرى بأساً في هذا القول الجميل في المعنى والمقصد، فالكتابة عن الخلوة مع النفس وآثارها على الحياة في واقعها الحالي بما يحفه من تعقيدات ومصاعب وتحديات شيء ممتع، فالأنس مع النفس جوهر الخلوة ومتعتها الحقيقية، فقد تضطرنا ضغوطات الحياة ومصاعبها أحياناً إلى ضرب «طوق من الخلوة» حول أنفسنا للحفاظ على طاقتنا من التبدد، وعلى توهج أرواحنا ضد حالة الوهن والتشتت التي تصيبنا جراء تصاريف الأقدار وتقلبات الحياة. فالحياة يقيناً ليست نعيماً دائماً لا ينقطع، ولا هي نزهة بحرية على شواطئ يانعة الخضرة، ولا يمكن بالطبع أن تكون سلسلة من المصاعب والآلام والخسارات، إنما هي رحلة تجمع بين السعادة بمعناها الواسع الذي يجمع بين خلو البال والمتع الحسية والمعنوية والجانب الآخر الذي هو نقيض خلو البال. إذاً، هي رحلة ليست سهلة، بمقدار ما فيها من المُتع والنعم وبهاء العيش وصفوه، بقدر ما فيها من الشقاء والمعاناة. الخلوة بالنفس من أجل استعادة الشغف بالحياة ومواصلة رحلتنا، هي أن نستقطع من أوقاتنا أوقاتاً أخرى، نفرد مساحات أكثر خصوصية في المكان والزمان لاستعادة التوازن الذي ننشده لتبديد الطاقة السلبية وما علق بنا من هموم ومشاغل.
بعض الناس يتفكرون في خلق الله، والبعض الآخر يجلس ببساطة قرب النافذة ويتنفس بعمق، مما يؤدي إلى استمتاعه بالهدوء الشديد. هذه الخلوة من أجلكِ وهي كل ما تحتاجين إليه للتوصل إلى احتياجاتكِ. هذا هو وقت التفكير فيما تريدين وجوده وما لا تريدينه في حياتك. شيئًا فشيئًا من خلال فهم أولوياتكِ، ستبدئين في اتخاذ القرارات الصحيحة. فلكي تكوني سعيدة، يجب أن تصبحي قادرة على اتخاذ القرار، وأن تشقي طريقكِ دون خوف. وفي النهاية، تذكري أنك أنتِ سيدة قرارك. قد يثير اهتمامك...