هدية لطالب العلم (كتاب المشوق إلى القراءة وطلب العلم) مسموع - YouTube
77 ميجا بايت اللغة العربية نوع الملفات PDF الصفحات 144 الناشر دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
شعر الغزل في عصور الجاهلية له الكثير من الصفات والخصائص التي جعلته مازال باق حتى وقتنا هذا حيث أنه استطاع أن يعبر الحواجز والسنوات بسبب بلاغته ومعانيه الرائعة وسوف نتحدث عن من خلال مقالنا هذا على مجلة رجيم عن واحد من أقسام شعر الجاهلية وهو شعر غزل جاهلي لذلك تابع معنا السطور التالية.
فإن كان الموت هو مصدر الخوف فالشاعران يقولان للجبان الموت يأتيك حتى وإن كنت في حصن مشيد من الحجارة، أو حتى وإن كنت في داخل صندوق مغلق. أضف إلى ذلك أن الأول شاعر شعبي استخدم مفردات عامية ووزناً شعبياً لا يتوفق مع الشعر الفصيح، والآخر شاعر جاهلي استخدم ألفاظاً فصيحة ووزناً متعارفاً عليه أنه من أوزان الشعر الفصيح. ولذا نجد أن الأصالة الفكرية مستمرة وتمثل عامل امتداد مشتركاً بين الشعر الشعبي والشعر الفصيح الجاهلي. أما المتغير فنجده في الأشياء الموضوعة المتعارف عليها من قبل الناس، فالوزن موضوع من قبل اللغويين حتى الشعراء أنفسهم لا يعرفونه وبخاصة شعراء ما قبل الإسلام، والألفاظ أيضاً من الأشياء المتعارف عليها فاللغة أم الألفاظ وهي متطورة لتستوعب كل ما استجد من أمور الحياة مع الحفاظ عليها لتبقى أصولها ثابتة. وعليه نجد أن الشعر الشعبي أصيل في فكره الذي ينقل وجديد ومتطور في ألفاظه وأوزانه، ولذا فهو امتداد للقديم ولكننا في وقتنا الحالي لا نعرف كيف تطور من أصله المجهول لنا ليصل إلى ما هو عليه اليوم. وتتكرر المسألة وعليه لماذا نحارب الشعر الشعبي وندعو إلى دفنه مع علمنا أننا لن نستطيع لأن هذه الأمور تتطور تلقائياً ولا يمكن أن تخضع لمراقب ولا يمكن أن نحكم حركة هذه الأشياء.
وهذه الأمور في تطورها شبيه بحركة دوران الكرة الأرضية، فهل هناك من قوة تستطيع أن تُوقف حركة الكرة الأرضية؟، أنا لا أظن. وهي شبيه أيضاً في حركتها بتآكل الجبال وتحويل أحجارها إلى ذرات رمل تذريها الرياح. وأقول: من ذا الذي يستطيع أن يوقف الرياح لكيلا تصطدم بالجبال وتحدث النحت وتحول الصخر إلى رمل؟ لا أظن أن هناك قوة بشرية تستطيع أن توقف حركة الرياح وبالتالي ما ينتج عنها. ولعله من المفيد أن أذكر أن الشعر الشعبي ثابت في فكره متغير في مفرداته ووزنه؛ ففكره شبيه بفكر شعر عنترة على سبيل المثال، ومفرداته تختلف عن مفردات ذلك الشعر. وعليه نجد أن فيه ثابتاً وهذا قديم، وفيه متغير وهذا متدرج في الزمن من القديم إلى الحديث.
والكل يوقن أن الشعر الشعبي متطور في شق وثابت في شق آخر. والشق المتطور يتصل بالوزن والألفاظ والنوع، وهذا الشق بلا شك قد طرأت عليه بعض المتغيرات تبعاً لمتغيرات الألسن نتيجة الاحتكاك بين الثقافات المختلفة. أما الشق الثابت فهو الجانب الفكري، وهذا بلا شك شق أصيل تجده في شعر الجاهلية وشعر صدر الإسلام وشعر اليوم الحاضر والأمس القريب. أما فيما يخص الشق الثابت، وهو الشق الأصيل فهو لم يتغير منذ العصور القديمة، فمازال أصيلاً في شعر إنسان الجزيرة العربية وإنسان ما حولها من البلدان العربية، وغالباً ما تتطابق فكرة الشاعر الشعبي وفكرة الشاعر الجاهلي الفصيح علماً أن الشاعر الشعبي بعيد أن يكون قد أطلع على شعر الشاعر الجاهلي الذي سبقه ربما بألف وخمسمائة عام.