[ 788] مسألة 2: إذا حدثت المتوسطة بعد صلاة الفجر لا يجب الغسل لها، وهل يجب للظهرين أم لا ؟ الأقوى وجوبه (1005)، وإذا حدثت بعدهما فللعشاءين، فالمتوسطة توجب غسلا واحداً، فإن كانت قبل صلاة الفجر وجب لها، وإن حدثت بعدها فللظهرين، وإن حدثت بعدهما فللعشاءين، كما أنه لو حدثت قبل صلاة الفجر ولم تغتسل لها عصياناً أو نسياناً وجب للظهرين وإن انقطعت قبل وقتهما بل قبل الفجر أيضاً، وإذا حدثت الكثيرة بعد صلاة الفجر يجب في ذلك اليوم غسلان، وإن حدثت بعد الظهرين يجب غسل واحد للعشاءين. [ 789] مسألة 3: إذا حدثت الكثيرة أو المتوسطة قبل الفجر يجب أن يكون غسلهما لصلاة الفجر بعده، فلا يجوز قبله (1006) إلا إذا أرادت صلاة الليل فيجوز لها أن تغتسل قبلها. [ 790] مسألة 4: يجب على المستحاضة اختبار حالها (1007) وأنها من أيّ قسم من الأقسام الثلاثة بإدخال قُطنة والصبر قليلاً ثم إخراجها وملاحظتها لتعمل بمقتضى وظيفتها، وإذا صلّت من غير اختبار بطلت إلا مع مطابقة الواقع وحصول قصد القربة كما في حال الغفلة، وإذا لم تتمكن من الاختبار يجب عليها الأخذ بالقدر المتقين (1008) إلا أن يكون لها حالة سابقة من القلة أو التوسط فتأخذ بها، ولا يكفي الاختبار قبل الوقت إلا إذا علمت بعدم تغير حالها إلى ما بعد الوقت.
((لقاء الباب المفتوح)) (اللقاء رقم: 214)، ويُنظر: ((ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين)) لأحمد القاضي (ص: 42)، ويُنظر: هامش ((الشرح الممتع)) (1/503). الأدلَّة: أولًا: مِن السُّنَّةِ عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال لفاطمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ: ((إنَّما ذلكِ عِرقٌ، وليس بالحَيضةِ، فإذا أقبلَت الحيضةُ، فاتركي الصَّلاةَ، فإذا ذهب قَدرُها، فاغسلي عنك الدَّمَ، وصلِّي)) رواه البخاري (306) واللفظ له، ومسلم (333). هل يجب على المستحاضة تجديد الطهارة والعصب لوقت كل صلاة - إسلام ويب - مركز الفتوى. وجه الدَّلالة: أنه لم يذكُر وضوءًا، ولو كان الوضوءُ واجبًا عليها، لَما سكت عن أن يأمُرَها به، وما ورد من إيجابِ الوضوءِ لكلِّ صلاةٍ، فهو مضطربٌ لا تجِبُ بمثلِه حُجَّةٌ ((التمهيد)) لابن عبدِ البَرِّ (16/95، 98)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/389)، ((فتح الباري)) لابن رجب (1/448- 450). ثانيًا: أنَّ دمَ الاستحاضةِ، إذا لم يكُن حدثًا في الوقتِ، فإنَّه لا يكون حَدثًا بعده، فخروجُ الوقتِ ليس من نواقِضِ الوضوءِ، وقد اتَّفَقوا على أنَّه إذا خرج الدَّمُ في الصَّلاةِ أتمَّتها وأجزَأتْها ((الذخيرة)) للقرافي (1/389). ثالثًا: أنَّه لا فَرقَ بين الدَّمِ الذي يخرُجُ من المستحاضةِ قبل الوضوءِ، والذي يخرجُ في أضعافِ الوُضوءِ، والدَّم الخارج بعد الوضوءِ؛ لأنَّ دمَ الاستحاضة إن كان يوجِبُ الوضوءَ فقليلُ ذلك وكثيرُه في أيِّ وقت كان، يوجِبُ الوضوءَ، وإن كان لا يوجِبُ الوضوءَ فقليلُ ذلك وكثيرُه في أيِّ وقت كان، لا يوجِبُ الوضوءَ ((الأوسط)) لابن المُنذِر (1/269).
والله أعلم.
قوله ( هو اجتباكم) يقول: هو اختاركم لدينه ، واصطفاكم لحرب أعدائه والجهاد في سبيله. وقال ابن زيد في ذلك ، ما حدثني به يونس قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد في قوله ( هو اجتباكم) قال: هو هداكم. وقوله ( وما جعل عليكم في الدين من حرج) يقول تعالى ذكره: وما جعل عليكم ربكم في الدين الذي تعبدكم به من ضيق ، لا مخرج لكم مما ابتليتم به فيه ، بل وسع عليكم ، فجعل التوبة من بعض مخرجا ، والكفارة من بعض ، والقصاص من بعض ، فلا ذنب يذنب المؤمن إلا وله منه في دين الإسلام مخرج. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: أخبرني ابن زيد عن ابن شهاب ، قال: سأل عبد الملك بن مروان علي بن عبد الله بن عباس عن هذه الآية ( وما جعل عليكم في الدين من حرج) فقال علي بن عبد الله: الحرج: الضيق ، فجعل الله الكفارات مخرجا من ذلك ، سمعت ابن عباس يقول ذلك. ما هو تفسير قوله تعالى ( وما جعل عليكم في الدين من حرج) - ملك الجواب. قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: ثني سفيان بن عيينة ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، قال: سمعت ابن عباس يسأل عن ( وما جعل عليكم في الدين من حرج) قال: ما هاهنا من هذيل أحد ؟ فقال رجل: نعم قال: ما تعدون الحرجة فيكم ؟ قال: الشيء الضيق ، قال ابن عباس فهو كذلك.
قال القرطبي: "قال العلماء: رفع الحرج إنما هو لمن استقام على منهاج الشرع, وأما السَّلَّابة والسُّراق وأصحاب الحدود فعليهم الحرج, وهم جاعلوه على أنفسهم بمفارقتهم الدين. ". [5] من رفع الحرج إلى التيسير بل لم تكتف نصوص القرآن بأن تنفي الحرج عن الشريعة، بل قررت في وضوح أن الله يريد بنا اليسر، ويريد أن يخفف عنا، قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة – 185]. وقال تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ.. } [النساء – 28]. واليسر والتخفيف قدر زائد على رفع الحرج والآصار، فاليسر: الليونة والسهولة، وجريان الأمور بسهولة بلا عوائق مالية أو غيرها. و النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا". [6] ويقول: "إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين". تفسير: (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج). [7] ويقول: "إنما بعثت بالحنيفية السمحة". [8] وينكر النبي صلى الله عليه وسلم على المتطرفين والمغالين في العبادة أو في تحريم الطيبات، ويعلن أن من فعل ذلك فقد رغب عن سنته "ومن رغب عن سنتي فليس مني". [9] ولما استفتى الرجل الذي جامع زوجته في رمضان، فأوسعوه تخويفا وترهيبا، ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه، فلما عاد من عنده قال لقومه: "وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – السعة وحسن الرأي. "
وفي هذا البيان النبويِّ الكريم -يا عباد الله- ما يرفَع توهُّمَ أنَّ الأخذَ برُخَص الله لعباده موصوفٌ بالنّقص أو التقصير أو عدَمِ الوفاء بالواجبات على الوجهِ الذي يحبُّه الله ويرضَاه؛ إذ بَيّنَ -عليه الصلاة والسلام- بيانًا جليًّا واضحًا أنَّ الأخذَ بالرّخَص هو كالأخذ بالعزائم، ما دامَ كل منهما مستعمَلاً في موضِعِه بمراعاة ضوابطه. فاتَّقوا الله -عباد الله-، وانهَجوا نهجَ التيسير ورفعِ الحرج الذي رضِيَه الله لكم وتصدَّق به عليكم، فاقبلوا صدقتَه. واذكروا على الدوامِ أنَّ الله تعالى قد أمركم بالصَّلاة والسلامِ على خيرِ الأنام، فقال في أصدق الحديث وأحسن الكلام: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]. اللّهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمّد، وارضَ اللّهمَّ عن خلفائه الأربعة: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليّ، وعن سائر الآلِ والصحابة والتابعين، ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنّا معهم بعفوِك وكرمك وإحسانك يا أكرمَ الأكرمين. اللّهمّ أعِزَّ الإسلام والمسلمين...
5/ من يسر الشرعية سهولة المعتقد، ووضوح المنهج، وصفاء الدين، فلا تعقيد، ولا غموض، ولا متناقضات، ولا التواءات، ولا وسائط بين العبد وربه، ولا تشتيت، ولا تشديد، ولا تمحُّل، ولا تكلف، بل عقيدة سهلة سلسلة واضحة، جلية نقية، متوافقة مع صفاء الفطرة، ونقاء النفس، وسلامة العقل. 6/ ومن يسر الشريعة عدم جعل ما يشق ويرهق ركناً من أركان الدين، أو شرطاً من شروط الإسلام، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " أخرجه مسلم. ومن ذلك تركه -صلى الله عليه وسلم- لصلاة التراويح جماعة خشية أن تفرض على أمته، بل حتى الأوامر كان -صلى الله عليه وسلم- يقول: " إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم " متفق عليه. ويقول تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم) [التغابن:16]، ويقول تعالى:( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة:286]. إن يسر شريعة الإسلام أمر واضح جلي، بيّن معروف، تدركه العقول السليمة، وتعرفه النفوس القويمة، فالحمد لله على آلائه، والشكر له على نعمائه. 7/ ومن يسر الشريعة أن جعل الله تعالى ما تميل إليه النفوس من شهوات ورغبات، وبعض مظاهر اللعب واللهو عبادات، فيستمتع الإنسان بها، وكذلك يثاب عليها ويؤجر، وهذا باب طويل جميل، يحتاج إلى مزيد شرح وتفصيل ليس هذا مكانه.