موقع شاهد فور

إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا

June 28, 2024
( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا).

إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا

وثانيها: قالوا: المراد بالقول الثقيل ، القرآن وما فيه من الأوامر والنواهي التي هي تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين عامة ، وعلى رسول الله خاصة ؛ لأنه يتحملها بنفسه ويبلغها إلى أمته ، وحاصله أن ثقله راجع إلى ثقل العمل به ، فإنه لا معنى للتكليف إلا إلزام ما في فعله كلفة ومشقة. وثالثها: روي عن الحسن: أنه ثقيل في الميزان يوم القيامة ، وهو إشارة إلى كثرة منافعه ، وكثرة الثواب في العمل به. ورابعها: المراد أنه عليه الصلاة والسلام كان يثقل عند نزول الوحي إليه ، روي أن الوحي نزل عليه وهو على ناقته فثقل عليها ، حتى وضعت جراءها ، فلم تستطع أن تتحرك. وعن ابن عباس: كان إذا نزل عليه الوحي ثقل عليه وتربد وجهه ، وعن عائشة رضي الله عنها: " رأيته ينزل عليه الوحي ، في اليوم الشديد البرد ، فيفصم عنه ، وإن جبينه ليرفض عرقا ". إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا. وخامسها: قال الفراء: قولا ثقيلا ، أي ليس بالخفيف ولا بالسفساف ؛ لأنه كلام ربنا تبارك وتعالى. وسادسها: قال الزجاج: معناه أنه قول متين في صحته وبيانه ونفعه ، كما تقول: هذا كلام رزين ، وهذا قول له وزن إذا كنت تستجيده ، وتعلم أنه وقع موقع الحكمة والبيان. وسابعها: قال أبو علي الفارسي: إنه ثقيل على المنافقين ، من حيث إنه يهتك أسرارهم ، ومن حيث إنه يبطل أديانهم وأقوالهم.

وعن الحسن في قوله تعالى: ﴿ إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾؛ قال: "العمَل به، إنَّ الرجل ليَهُذُّ [1] السورةَ، ولكن العمل به ثقيل"، وعن قتادة في قوله: ﴿ ثَقِيلًا ﴾ قال: "ثقيل والله؛ فرائضُه وحدوده". الأمر الثاني: بيَّن الله تعالى أنَّ هذا الثقل في أداء التكاليف - المَبثوثة في القرآن الكريم - قد يخفِّفه سبحانه على المؤمنين ؛ لما جاء في قوله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45]. ويَعني بقوله: ﴿ لَكَبِيرَةٌ ﴾: لشديدة ثَقيلة، إلَّا على الخاضعين لطاعتِه، الخائفين سطواته، المصدِّقين بوعده ووعيده [2]. الأمر الثالث: يخفَّفُ ثقل التكاليف بالدُّعاء والاستعانة بالله تعالى ؛ لقوله عزَّ وجل:﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5] ، فقد قُرنَت العبادةُ بالاستعانة؛ ليدلَّ على أنَّ العبدَ لا يستطيع أن يؤدِّي العبادة إلَّا بطلب العَون من الله وتوفيقه، ويَشهد لهذا قولُه صلى الله عليه وسلم لِمعاذ بن جبل رضي الله عنه: ((أوصيك يا معاذ، لا تَدَعنَّ في دُبُر كلِّ صلاة تقول: اللهمَّ أعنِّي على ذِكرك، وشكرِك، وحسنِ عبادتك)) [3].

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]